"التجربة الصينية" نجحت..!

واستطاع الصينيون أن يحاصروا الفيروس ، وكذلك الحدّ من انتشاره ..

وقف العالم شامتًا بالصين حين كانت السلطات ترش ّ الادوية والمعقمات في كل بقعة. الصين التي دخلت الى كلّ بيت في العالم بسبب منتوجاتها الصناعية عالية الجودة ورخيصة الثمن وسرعة الإنتاج. اليوم يشمت بها العالم الحرّ: مش ع رمانة ... ع قلوب مليانة..! الصينيون نشيطون ويقومون بالاعمال الانشائية والصناعية بسرعة ودقة وسرية!!

حدثني عمي جرمس خميسة رحمه الله والد زوجتي (رحمها الله) وكان يعمل في مصنع تكنولوجيا حديثة ، وكان عمله يختص بتشغيل وحدة روبوتات تقوم  بالعمل والإنتاج وفحص المنتوج. وذات يوم حين كنت ازوره في نهاية الأسبوع، تأخر بعودته الى البيت بشكل لافت.. سألته لماذا تأخرت؟ فأجابني بأن وفدًا صينيًا سيقوم بزيارة للمصنع، ويقوم العاملون في هذه الأيام بتحضير المصنع لهذه الزيارة..!! نحن نعرف في مجتمعنا ، عند زيارة مسئول الى القرية ، كانت السلطة المحلية تقوم بتنظيف الشوارع وتزفيتها وزرع الأشجار والازهار ...وكنا أيضًا في مدارسنا (حتى يومنا هذا) نقوم بتنظيف الساحات والجدران والطاولات وغيرها استعدادًا لزيارة المفتش او مدير اللواء...أما أن يقوم مصنع بترتيب وتجهيز المكان لزيارة الوفد الصيني، فقد أثار استغرابي..!!

ــ وما هي التحضيرات لزيارة الوفد؟ قال: نقوم بانشاء ممرّ من الحديد على ارتفاع عال، ويكون قريبًا من السقف، كي يرى أعضاء الوفد الآلات من فوق دون الاقتراب منها!! ليش يعني؟ قال : هاذول يا عمي ملاعين..! عندهن عين زيّ الكاميرات بتلقط كل اشي! وبخافوا يسرقوا اسرار الماكنات..!! كان هذا منذ اكثر من عشرين عاما.

نعم. استطاعت الصين أن تحا صر الفيروس، وأعلنت حالة طوارئ وإغلاق مدينة ووهان وغيرها، ودخل الجيش وفرض منع التجول.. وقامت قيامة العالم لأجل هذا التصرف غير الديموقراطي وأن الاحكام جائرة وظالمة و..و.. وأن الحكم الصيني دكتاتوري!

نفس الدول وعلى رأسها إسرائيل أعلنت نفس الأحكام اليوم. وتقوم الصين بمساعدة إيطاليا ودول أوروبا لتجاوز المحنة: التجربة الصينية نجحت لأن الشعب أحسّ بالخطر الداهم وامتثل للتعليمات.

في بلادي أغلقت المدارس والمعاهد والجامعات ، وكذلك أماكن العمل وبدلاً من الامتثال للتعليمات خرج الناس الى الملاعب والمتنزهات والشواطئ مع "عدّة الرحلات" مشاوي وسلطات واراجيل..

رحم الله الشاعر الكبير نزار قباني حين قال في قصيدته"خبز وحشيش وقمر":

عندما يولدُ في الشرق القمرْ.."

فالسطوحُ البيضُ تغفو

تحت أكداس الزَهَرْ..

يترك الناسُ الحوانيت و يمضون زُمَرْ

لملاقاةِ القَمَرْ..

يحملون الخبزَ.. و الحاكي..إلى رأس الجبالْ

و معدات الخدَرْ..

و يبيعونَ..و يشرونَ..خيالْ

و صُوَرْ..

و يموتونَ إذا عاش القمر"..

وأبرزت الاخبار أن نسبة التلوث في الجوّ قد انخفضت بشكل كبير خاصة فوق الصين ومدينة يوهان بالذات، وأصبح سكان مدينة البندقية (فينيتسيا) يشاهدون الدلافين في القنوات المائية ، والمياه أصبحت نظيفة ، وتوقف الجندول من شقّ عباب الماء، عادت بعض مظاهر الطبيعة النظيفة للظهور في فترة زمنية قصيرة، واليوم صباحًا وأنا أكتب هذه اليوميات، شاهدت طائرًا أسود يلمع  أعتقد أنه "سُوَّدي" (ليس الاسم العلميّ) إنما هكذا كنا نسمع "الختيارية" تسميه. عادت العصافير الى حديقتي بكثرة، والهواء أصبح نظيفًا أكثر أتنشقه صباحًا باكرًا وأنا أقطف حبات اللوز الخضراء من شجر بيتنا الذي زرعه والدي رحمه الله.

وعودة قصيرة الى "الصواريخ والكيماوي": عندما كانت تطلق صفارات الإنذار، كان البعض (الكثير) بدلاً من الاحتماء في الملاجئ، يخرجون لمراقبة مرور الصواريخ فوق بلدهم...  واليوم الاعلان عن منع التجول  جعل البعض من أبناء قريتي  يقودون سياراتهم بسرعة جنونية نظرًا لعدم وجود الأطفال في الشوارع!!! ورغبة في عدم الامتثال للانظمة والقوانين.

يعني باختصار ما تعلمنا الدرس