لقد داوى الربّ يسوع الأوصاب والهموم بمرهم المحبّة ، واقتدى به الرسل والتلاميذ الأوّلون ، فجاءت سيرتهم عبقة ، عطِرة ، تعلّم منها واقتبسها علماء المجتمع والكتّاب والفلاسفة على مدى ألفين من السنين ، وستبقى نهجا ودربًا ونموذجا يقتدى ويحتذى في الصّبر والتعاون والمحبّة ، وحلّ الخلافات – ونادرا ما حدثت-... حلّها بالصّلاة والصوم والتروّي والارتكاز على الحقّ الإلهي.
ترددت كثيرًا قبل أن امسك يراعي لأخطّ به ألمي ووجعي وامتعاضي ممّا يحصل ، خاصّةً وأنني لست كاثوليكي المذهب ، ولا أؤمن كثيرا بالطوائف ، وإنما بالربّ يسوع مُخلّصًا وفاديًا للبشرية جمعاء.
إنّ ما حدث قبل سنة وما يحدث اليوم من صراع بين سيادة المطران الياس شقور والارشمندريت الموقّر اميل شوفاني حول مدرسة المطران ، هو امر يُؤسَف له ، وهو يوجعنا ، يؤلمنا ويقضّ مضجعنا ، ويجعلنا نتساءل :
هل هذا هو الطريق الصحيح الذي كان يريده يسوع ؟
وهل علينا أن نغسل " غسيلنا القذر" – وما أظنّه كذلك – على الملأ وننشره على صنوبر بيروت؟
وهل هذا الصّراع المحتدم ، والاستعانة بالشرطة واللجوء الى العنف في مدرسة كتبت اسمها بماء الذهب هو صراع مُقدّس ؟ محتّم وضروريّ ؟ أم أنه كان بالإمكان منعه وتلافيه، وحلّه لو نهجنا في سلوكنا نهج السيّد في حكمته وتواضعه ؟ .
اما الأجدر بنا أن نكون قدوةً للمؤمنين والرعيّة ، فنترفّع عن الأرضيات الى السماويات ، إلى أورشليم السماوية ، بعيدًا عن التحدّي وحبّ الذات والمصالح والبِرّ الذاتيّ !!!
أما الأجدر بنا أن نكون نموذجًا في التصرّف اللائق ، فنجتمع ونتحاور ونتناقش ونصل الى الحلّ الأمثل الذي يعود بالفائدة على المدرسة والطلاب والاهلين ، ويحفظ ماء الوجه لإنسانين كانا وما زالا نعم السفير ونعم الخادم .
حقيقة لست في موقع أن أنصح وأن أرشد والراعيان صالحان يعرفان تماما الموعظة على الجبل ، ويعشقان سيرة المسيح ، ويترسّمان أثرها في كلّ لحظة ، ولكن هناك فشلا ، وخلافًا تجبّر وطغى ؛ خلافًا يطلب حلاً ، يطلب رجالا يكونون ملحًا للأرض ، والراعيان ايضًا كذلك .
أليس من يسمع ؟! أليس من يهبّ من الوجهاء فيداوي الجرح ويبلسم النزيف !!
أين المُقرّبون ؟ أين الغيورون على المصلحة العامّة ومصلحة الكنيسة ؟
واين الجريء الذي يقلب موائد الصيارفة ويقول : ......كفى
غريب وعجيب أن يصل الأمر بنا الى أبواب المحكمة ، فالحلّ في الكنيسة ، واللجوء الى المحاكم الدنيوية المدنية – ولاعتبر رجعيا – هو انتقاص آخر لكرامة الكنيسة المرفوعة الرأس ابدا.
لم يفت الوقت أيّها المطران الموقّر ، ولن تخسر الملكوت ايها الارشمندريت الفاضل إن انتما جلستما بحضرة السيّد وطلبتما مشورته ..إنّه ربّ الحكمة والمشورة
أليسَ كذلك ؟!!!!