يوم الثلاثاء الموافق
07/05/2024
الصفحة الرئيسية اجعلنا صفحة البداية اضفنا للمفضلة





























22/12/2012 - 09:31:27 pm
حـنّـا نـور الـحـاجّ: شـكـرًا، أسـتـاذ عـاصـم، وهـنـيـئًـا!
موقع عبلين أون لاين

شـكـرًا، أسـتـاذ عـاصـم، وهـنـيـئًـا!

حـنّـا نـور الـحـاجّ

 

[في الثاني والعشرين من كانون الأوّل، اجتمعنا نحن -معلّمي مدرسة مار إلياس الثانويّة العبلّينيّة- محتفلين بنهاية الفصل الدراسيّ الأوّل، وكذلك بزميلنا العزيز الأستاذ عـاصـم نـجـيـب خـوري، مدير المدرسة الذي أصبح منذ قرابة شهر مفتّشًا لموضوع اللغة العبريّة في المدارس العربيّة، فكان لي أن ألقي هذه الكلمة]

 

أسعد الله أوقاتكم بالخير كلّ الخير.

مِن حقّ مَن أفادوني في الدراسة، وفي الحياة بعامّة، أن أقرّ أمامهم بذلك، وأن أقدّم لهم شكرًا علنيًّا يستحقّونه (وذاك أقلّ ما في الإمكان، وأضعف الإيمان). من حقّهم أن يعرفوا أنّ لهم في القلب مساكن لا تُهجَر، ومنازل لا تُزلزَل. من حقّ الأستاذ عـاصـم عليّ أن يعرف. ما كان من المتاح، ولا من اللائق، أن أخبره يوميًّا، خلال ربع القرن الماضي، بما له في فؤادي من معزّة ومودّة فائقتين، كما لم يُـتَـحْ لي ذلك من قبْل تجاه سِواه من الأحبّاء: الأستاذ فـوّاز حـاجّ أحـمـد؛ الأستاذ رمـزي مـسـلّـم؛ الدكتور إلـيـاس عـطـا الله؛ المعلّمة لـيـلـى سـوطـي، وغيرهم... أراني كمَنْ يفضح أسرارًا! كلّ هؤلاء علّموني، وتركوا في وجداني وفي تكويني أثرًا لا يُنكَر. لهؤلاء، ولسواهم من الأعزّاء الذين حَظِينا بأنْ درّسونا، لكلّ هؤلاء فائق المحبّة، ووفير التقدير.

* * *

أستاذ عـاصـم... في حَزيران الماضي، في حفلة التخريج الأخيرة، بعد أن ألقيتَ كلمة الإدارة، حين كنتَ تغادر المنصّة، همستُ لك مداعبًا بابتسام متبادل: "إن شالله الحفلة الجاية بتيجينا ضيف!". لاحقًا، بعد هذا بلحظات، ثمّ بعد ذلك بكثير، اتّضح لي أنّ تلك الهمسة، رغم انطلاقها من القلب، كانت همسةَ تَمَنٍّ حائر.

وحيّرتَنا، يا أبـا إيـاس! حيّرتَنا من حيث لم تقصد، حين رسا عليك أنت عطاء التفتيش... ما بين الفرح والإحساس بالخسارة.. ما بين الإعزاز والاعتزاز... ما بين الحبّ والعتب (وبعضُ العتب حبّ هو -كما تعلم؛ ولا ريب)... ما بين كلّ هذه المَطارح ألقيتَ بنا. تجاذبتْنا هذه المطارح. لكنْ، رغم كلّ منغِّص، كانت الغلبة للفرح، أو هذا ما نأمل حقًّا أن يكون. لا بدّ أن نفرح لك وبك ومعك، وإنْ ببعض من دمعٍ يجتال في العين، وفي العقل، وفي القلب. هنيئًا لك، أيّها العزيز.

* * *

في بعض محادثاتي مع الطلبة، خارج غرف التدريس، في الساحة أو في أروقة المدرسة، أو في لقاءاتي بهم خارج جدران المدرسة، حيث أتحدّث بحرّيّة وبارتياح، أجدني أحيانًا أقول للطلبة:

اطلبوا من الأستاذ عـاصـم ومن الأستاذ فـوّاز (وكلاهما تَزاملا دراسةً وتدريسًا)، اطلبوا منهما، ومن غيرهما، أن يحدّثوكم عمّا عانَوْا وعمّا واجهوا! هؤلاء الكبار كانوا صغارًا يومًا كمثلكم، لكنّهم عاشوا ظروفًا اقترنتْ بالمرارة والقسوة والحرمان. هؤلاء الكبار واجهوا تحدّيات كبيرةً ونجحوا في تخطّيها. لقد تعلّموا، ثمّ علّموا، ثمّ علّموا: تمكّنوا أن يتعلّموا هم، ثمّ علّموا أجيالاً وأجيالاً، وعلّموا أبناءهم كذلك، وبلغوا بهم درجات من النجاح. هؤلاء المدرّسون دروسٌ حقيقيّةٌ هُمْ في التحدّي والتضحية والصبر والنجاح. هؤلاء، رغم جَوْر الظروف والأزمات، ما رضخوا وما استسلموا. هؤلاء لو عاشوا ظروفًا رحيمةً لطيفة، لكانوا الآن يمتهنون مهنًا أخرى، مهنًا يراها أبناء هذا المجتمع المسكين أكثرَ رِفعةً ومرموقيّةً من مهنة التدريس. لكن، رغم ذلك -والحقّ لا بدّ أن يقال-، هؤلاء المكافحون، بممارستهم لمهنة المتاعب، كتبوا لغيرهم الارتياحَ والفلاح والنجاح. بمعرفتهم التي عرفوا كيف ينقلونها بإخلاص إلى الطلبة فيتفوّقون، تفوّقوا هم كذلك. هم لن يقولوا ذلك. لن يقولوا إنّهم من المتفوّقين. أنا أقول ذلك بصدق ويقين. فأنا قد شَرُفْتُ معهم باثنتين؛ شَرُفتُ بمزاملتهم طَوال دُزّينتين من الأعوام، وقبل ذاك شَرُفْتُ بالتَّـتَـلْـمُـذ على أيديهم الحانية الداعمة المساندة. أستاذ عـاصـم، من هؤلاء أنت، ولك أن تفخر، ولك أن تعتزّ، كما نفخر بك نحن ونعتزّ.

* * *

وما دمنا في مجال البوح والاعتراف، يطيب لي أن أعترف أمام الأعزّاء بما يلي:

للأستاذ عـاصـم فضلٌ علَيَّ في أن أتصالح مع موضوع دراسيّ لم تكن علاقتي به ودّيّة: اللغة العبريّة. معه، خلال فصلين دراسيّين فقط، تمكّنتُ من فهم بعض من أسرار ودقائق العبريّة، فتقلّصتْ لديّ تلك العدائيّة، حتّى إنّي فكّرت جدّيًّا في دراسة هذه اللغة (العبريّة) خلال الدراسة الجامعيّة، إلى جانب معشوقتي (اللغة العربيّة)؛ بيد أنّي لم أترجم ذاك التفكير إلى فعل.

كذلك يطيب لي الاعتراف أنّه بفضل الأستاذ عـاصـم اطّلعتُ على أدب واحد من خِيرة الروائيّين العرب: السوريّ الكفرونيّ الجميل، الأستاذ الدكتور حليم بركات. ذاك أديب أثّر فيّ عميق تأثير، وأثْراني أيّما إثراء. شكرًا، أستاذ عاصم.

* * *

وبعد... قلوبنا المُـحِـبّة، يا أستاذ عـاصـم، تدعو لك أن ينضاف إلى سلسلة نجاحاتك، في الإدارة والتربية والتدريس، نجاحٌ آخر عظيم عظيم، في مضمار التفتيش. يحْدونا أملٌ ناءٍ عن التوهّم، أملٌ في أن تبقى دومًا، أيّها العزيز، من أهل العـزّة والنجـاح والسخـاء والعطـاء.

22/12/2012



تعليقات        (اضف تعليق)

* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مسؤولية التعقيب تقع على عاتق المعقبين انفسهم فقط
يمنع ادخال اي مضامين فيها اي تجاوز على قانون منع القذف والتشهير او اي قانون آخر
فيديو عبلين |  اخبار عبلين |  دليل عبلين |  عن عبلين |  العاب اونلاين |  للنشر والاعلان |  من نحن |  اتصل بنا | 
Online Users
Copyright © ibillin.com 2007-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع عبلين اون لاين
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com