في قديم الزمان كان العيد عيداً ..ـ
كان ـــ كما يقول الرافعيّ ــ يوم سلام وبشر وضحك ووفاء وإخاء
وقول الإنسان للإنسان : وأنتم بخير !!ـ
فلماذا يا ترى صارت نفوسنا فيه اليومَ كالحة عاطلة
ممسوحة من المعنى ،، أكبر عملها تجديد الثياب وتحديد الفراغ
وزيادة ابتسامة على النفاق ؟؟
صار الواحد منا يخشى اقتراب العيد
ويشعر أنه يقف أمام وحش كاسر ينوي تمزيقه إرباً إرباً !!ـ
ينتظرُ العيدَ متوجساً متوتراً لاعناً لحظة قدومه !!ـ
كم ألف شاقل ستكفيه ليعبر هذا اليوم بسلام ؟؟
كم وجهاُ سيرسم على وجهه لينافق به الخلق ؟؟
كم هدية سيشتري ؟؟
وما هو الحد الأدنى لثمن هدية ترضي ؟؟
وماذا يفعل ربّ عائلة محدود الدخل
وله كثير من الأخوات والعمــّات والخالات ؟؟
وقد خرج لتوّه من أجواء عيد لا زال غضاً طرياً
ومن ورطات كتب دراسية وحقائب ومصائب
وأعراس ومناسبات ومستشفيات وبلاوي زرقاء ؟؟
هناك مــَن وجدوا حلاً للهروب ....ـ
حملوا أنفسهم وطاروا بها إلى بلاد بعيدة ...ـ
قالوا عنها رحلة استجمام وراحة ،، وما هي في حقيقتها
إلا هروب من الناس وعيدهم ومتاعبهم !!ـ
ومنهم مــَن غاص في أوحاله حتى الركب
وإلى أن لجمه العرق فصبر أو كفر !!ـ
ومنهم مــَن لا يذكر أباه أو أمه إلا في العيد ..ـ
وكأنه يكفــّر عن عقوقهما سنة كاملة !!!ـ
ما عاد ذلك العيد الذي كنا نعرفه !!ـ
عيد البراءة والطهارة والحب الحقيقي الذي كان يغشى القلوب ..ـ
صار عيد تصافح الأكف لا الأرواح !!.ـ
يصافح الواحد منا الآخر وفي طيات قلبه دعوة عليه بالموت !!ـ
الوجوه جافة وإن طلتها الكريمات والأصباغ !!ـ
والإبتسامات صفراء مقيته وإن نــُظــّفت أسنانها بأغلى ماركات المعجون !!ـ
والكلمات هيَ هيَ ،، شأنها في كل عيد ،، تافهة فارغة المضمون والجوهر !!ـ
مكررة لا معنى لها .. تتحرك بها شفاهنا الكاذبة ولا تعنيها !!ـ
حتى خطبة العيد لا تتغير !!ـ
نفس الكلمات وذات العبارات وعين التوصيات والدعوات !!ـ
روتين قاتل يأكل أعمارنا ويرمينا جثثاً هامدة بعد زمن !!ـ
أي قرف هذا !ـ