عِشْتَ كريماً في حياتِكَ الأرضيّة وفي الحياة الأبديّة
كلمة حقّ في ذكرى المرحوم حبيب نجيب بربارة - أبو نجيب -
يعزّ على الإنسان خسارة شيء ما، فكم بالحري عندما تكون الخسارة هي خسارة إنسان، والأقسى من هذا، عندما تكون خسارتكَ لقريبٍ بالدم أو بالجيرة أو بالحسب والنسب ويتمتّع بخصالٍ إنسانيّة وحميدة.
بالأمس خسرنا رجلاً كريماً معطاءً كفُّهُ سخيٌّ لا تُعْرَف له حدود، شاركَ الناس هو وأولاده بأفراحهم وأتراحهم، ومن الغريب كان أن تجده هو وزوجته مها - أمّ نجيب - (أطالَ الله بعمرها وعمر أولادها الطبيب نجيب، مُدقِّق الحسابات مجيد، الطبيب نزار، المحامي حاتم والمُربيّة ليليان) لوحدهما في تقديم واجبٍ أيّاً كان دون أن يُرافقه أبناؤه وزوجاتهم، فكان حين يُسألُ لماذا يُرافقه أولاده وزوجاتهم يُجيب: كي يُحافظوا على الصداقة والمحبّة والألفة مع جميع أصدقائنا ومعارفنا، فكما أحافظ أنا على علاقتي بهؤلاء أباً عن جدٍّ،على أولادي واجبٌ إنسانيّ أن يُحافظوا هم أيضاً على هذه العلاقة.
بالأمس ودّعناكَ يا أبا نجيب بقلوبٍ يعتصرها الألم، ألم الفراق لإنسانٍ أحبَّ الناس وبادَلَهُ الناس هذا الحبّ، حتّى لتجد أصدقاء ليسوا من طائفته الدينيّة يُشاركون في صلاة الجنازة داخل الكنيسة، كنيسة مار جاورجيوس للروم الأورثوذكس في بلدة أبوسنان، ووجوههم حزينة لهذا الفراق الأليم، ولكن في جعبتهم ذكريات مُفرحة وحلوة معكَ، وستبقى هذه الذكريات في أفكارهم وسيذكرونك في مناسبات مستقبلاً.
عندما أقول كُنتَ يا أبا نجيب بربارة كريماً، أقولها لأنّها الحقيقة التي لا يُمكن لأحدٍ عَرَفَكَ أن يُنكرها. فاليوم بعد مغادرتنا قاعة تقديم التعزية أو العزاء فيها بدقائق، تعطّلت السيّارة التي إستقليناها، فأخذنا بالبحث عن سيّارة أجرة، وإذ بإبنتي أرز كنّتكَ (زوجة الطبيب نزار) تحضر بسيارتكَ، وتتوقّف السيّارة بجانبنا، وتقول إبنتي: يالْلَا تأوصلكُم للبلدة عبلين. نظرتُ لثوانٍ إلى السيارة، فقالت لي إبنتي: بابا مالَك لا تصعد إلى السيّارة ؟!!
لم تكُن إبنتي لتعرف بما كُنتُ أفكّر فيه! صعدتُ إلى السيّارة بتأثّرٍ شديد، وقلت: إيه يا حياة، حتّى وأنتَ يا أبا نجيب في دار الحقّ تساعدنا كعادتكَ وأنتَ حيٌّ !! ولو ما بتنسى أحبابَكَ ومعارفكَ وأصدقاءكَ وأنتَ بعيد عنهم بالجسد!!!
أنتَ كما أنتَ في الحياة الأرضيّة والأبديّة كريماً وسخيّ الكفِّ.
فإلى جنّات الخلد يا أبا نجيب حيثُ الصدّيقون والقدّيسون يفرحون.
وإلى زوجته وأولاده وإخوته وأخواته وعائلاتهم، وإلى جميع أبناء عائلة بربارة في بلدة أبو سنان والخارج نتقدّم بأحرّ التعازي القلبيّة.
الله أعطى، الله أخذَ، فليكُن أسمه مُباركاً مدى الدهر آمين.
جاسر الياس داود - عبلين
السبت 1/9/2012م