عـاش بـهـدوء... وبـهـدوء رحـل
[[[ نـور إلـيـاس الـحـاجّ (أبـو تـومـا) ]]]
أنـطـون نـصـري الـمـرّ
أجل، أجل. أنت لست وحدك المحِبّ. كلّنا أحببنا هذا الرجل الإنسان الذي "اجتمع فيه الإيمان والأمانة والإيمان والسلام". كلّنا نحبّه. من الطبيعيّ جدًّا أن يُحَبّ؛ "فالمتواضعون محبوبون دومًا".
كنتُ هناك ورأيتهم عندما واروك التراب، ومع ذلك لم أستوعب؛ إذ لم تكن على موعد معه... وانتظرتُ يوم الأحد لأسمع صوتك الشجيّ منبعثًا من الكنيسة، لكن ظني خاب. عندها بحزنٍ تأكدت أنك لم تعد بيننا.
لقد عرفت المرحوم من خلال الصداقة التي جمعته بوالدي المرحوم نصري أنطون المرّ، إذ كان يتردد إلى بيتنا كثيرًا، ولا سيما أيام الأحد صباحًا قبل بدء الصلاة. كثيرًا ما تناولا المواضيع السياسية والاجتماعية والدينية. كانا على إلمام في مواضيع غير قليلة. وحين كان أبو توما يغيب عنّا في أيّ من أيّام الأحد، كان والدي (بعد أن يقول متمنّيًا: "لعل المانع خير") يطلب إلينا أن نسأل عنه في الكنيسة لنَطْمَئنّ فنُطَمْئنه.
كان المرحوم أبو توما صديقًا صدوقًا لوالدي، بالرغم ممّا كان يتردد آنذاك ويشاع من افتراءات عن أن الشيوعي ملحد ولا يقترب من الدين. كان أبو توما يضحك ويسخر من مثل هذه الأقوال، لأنّه على علم ودراية كافيين أن المتحدّث معه كان إنسانًا مغايرًا جدًّا عن هذه الأقوال المتّهِمة. كان يرتاح إليه ارتياحًا فائقًا. كنت أستمع إلى حديثهما المشوّق بشغف. كانا توأمين في التواضع.
سنفتقدك يا أبا توما كثيرًا. سنفتقد روحك الطيّبة والمرحة. سنفتقد صوتك الهادئ الشجيّ الذي كان يتردّد في ثنايا منزلنا المجاور للكنيسة. سنفتقد نورك المشعّ في بيتنا. حين كنت تأتينا زائرًا، كان والدي ينسى الداء والدواء.
ستبقى ذكراك في القلب دائمًا وإلى الأبد. تعازينا الحارّة إلى كلّ أحبّائك.