يوم الاثنين الموافق
06/05/2024
الصفحة الرئيسية اجعلنا صفحة البداية اضفنا للمفضلة





























21/12/2011 - 12:42:15 am
الولادةُ في مذودٍ تواضعٌ وعَظَمَةٌ بقلم جاسر الياس داود
موقع عبلين أون لاين

نسمات ميلادية(4) 

 

الولادةُ في مذودٍ تواضعٌ وعَظَمَةٌ  بقلم جاسر الياس داود 

 

 

" وفي تلك الأيام صدر أمرٌ من أغسطسَ قيصرَ بأنْ يُكتتَبَ كلُّ المسكونةِ.وهذا الإكتتابُ الأولُ جرى إذ كان كيرينيوس والي سورية.فذهبَ الجميعُ ليُكتتَبوا كلُّ واحدٍ الى مدينتهِ.فصعدَ يوسفُ أيضاً من الجليلِ من مدينةِ الناصرةِ الى اليهوديةِ الى مدينةِ داودَ التي تُدعى بيتَ لحمٍ لِكونهِ من بيتِ داودَ وعشيرتهِ.ليُكتتبَ معَ مريمَ امرأتهِ المخطوبةِ وهيَ حُبلى.وبينما هُما هناكَ تَمَّتْ أيامُها لِتَلِدَ.فولدَتِ ابنَها البِكْرَ وقمَّطَتْهُ وأضجَعَتْهُ في المِذْوَدِ إذْ لم يَكُنْ لهُما موضِعٌ في المنزِلِ."(انجيل لوقا،الإصحاح الثاني،الأعداد 7-1)

شاءت الارادة الإلهية أن يولد المسيح يسوع بعيداً عن مدينة سكن والدته الناصرة،وربما في هذا حكمة للخالق الذي أراد نشر القداسة بالمسيح ربنا في الجليل واليهودية وفي القدس وطبريا وقضاءها وشمال فلسطين آنذاك،ليطهرها من كل دنس بولادته وبموته وبقيامته العظيمة ماحياً الخطايا للإنسان ولبني البشر.

ان تواضع سيدتنا مريم العذراء وإيمانها،هما اللذان أرشداها لتحمل هذه المشقات.فالسفر الى بيت لحم وهي حامل في شهرها التاسع لم يكن هيناً عليها،إذ ستسير برفقة خطيبها يوسف النجار التقي أياماً وليال،ولا تعرف ما سيصادفهما من مخاطر ومشقات وصعوبات.لكن الإرادة الإلهية والطاعة لمشيئته كانت أقوى من كل هذه التوقعات.

لقد صبرت سيدتنا مريم العذراء في حياتها،فهي التي عاشت طيلة حياة الطفولة تخدم في الهيكل بورع وإيمان ومحبة،ولمّا حان وقت بناء العشس الزوجي،منحها الله - عزّ وجلّ- عن طريق الروح القدس الولد البار،فحملته بدون ندمٍ أو تذمر لأن هذه ارادة الله سبحانه وتعالى.فسارت به الى بلاد بعيدة ولم تندم على فعل هذا.لم يجدا مكاناً في الفندق ببيت لحم ولم تندم أيضاً،بل رضيت أن تنام في مغارة من المغر التي كان الرعاة يأوون فيها الماشية والحيوانات.لم يكن معها الثياب الزاهية والفاخرة،بل قمَّطتهُ بشقف(بقطع) من القماش وأضجعته في مذودٍ، بدلاً من أن ينام في سرير مُزينٍ بأشاريط زينة،كما يفعل الوالدين عند ولادة ابن لهما.

إذاً التواضع الذي اتسمت به سيدتنا مريم العذراء،جعلها تصبر على كل ما يحدث لها أو معها،داعية الله سبحانه وتعالى بأن يقويها ويُصبّرها على كل هذا،وشاكرة إياه بعفوية الإيمان الصادق،دون تأوهٍ أو تأفأف ما.

لم تكن سيدتنا العذراء مريم بنظر الله - عزّ وجلّ – مثلها مثل باقي النساء،فقد اصطفاها من بين كل النساء،ووجدها ورآها مستحقة لهذا الشرف العظيم " التجسد الإلهي ".لهذا رضيت أن تلد بكرها يسوع المسيح في مذود البهائم،وظهرت المغارة في عينيها بلاطاً أنيقاً،وولدت في أفقر مكان في العالم.فهل كانت أمنا وأم البشرية جمعاء تعلم مَنْ هو المولود؟ هل علمت أن ابنها هو الغنيُّ الذي يمنح الغنى للأشرار والأخيار؟هل علمت أن مولودها هو أزلي كان موجوداً قبلها؟هل علمت سيدتنا والدة الإله البتول أنها ولدت آدم الثاني(أي بدون أب بيولوجياً) وأنها حواء الثانية؟

حواء الأولى التي أخرجها الله لآدم من ضلعه أو من أضلاعه،كانت سبب السقوط لكل البشر من ذريتها،لأنها لم تسمع كلام الله - عزّ وجلّ – في الخيروالشر،فاستمعت وأصغت لكلام الشيطان الذي تمثّل لها على شكل أفعى.

أما حواء الثانية وهي سيدتنا مريم العذراء،فقد كانت سبب الخلاص للبشرية كلها،

لأنها ولدت بكرها ربنا يسوع المسيح بدون زرع رجل،واستجابت لكلام الله - عزّ وجلّ - ،ولم تخف من قول بني البشر ولا من خطيبها يوسف التقي.

أما القرآن فيقول في ولادة سيدنا يسوع المسيح:" فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً.

فأجاها المخاضُ الى جذع النخلةِ قالتْ يا ليتني مِتُّ قبل هذا وكنتُ نسياً منسياً فناداها من تحتها لا تحزني قد جعلَ ربُّكِ تحتكِ سرياً.وهزِّي إليكِ بجذعِ النخلةِ تُساقطْ عليكِ رطباً جنياً.فكُلي واشربي وقرِّي عيناً فأما ترينَ من بني البشرِ أحداً فقولي اني نذرتُ للرحمنِ صوماً فلن أكلمَ اليومَ انسياً."(سورة مريم،الآيات 36-

32).

يعيش المسيحي المؤمن بثبات الإيمان والرجاء والمحبة،ولكن أعظمها المحبة،فسيدنا يسوع المسيح بميلاده وبمجيئه الى الحياة طعَّمها وغرس بها الحب والمحبة.فالمحبة تنمو طولاً وعرضاً وعلواً وعمقاً على مدى الأبد،وتبقى على الدوام،لأن الله محبة وهو باقٍ من الأزل الى الأبد.

مَنْ لا يدري أن الله محبة وفرح،لا يعرف الله.لا يعرف الله ولا يقدر أن يدّعي أنه ابن الله،مَنْ خلا قلبه من المحبة.المحبة هي الصفة المهيمنة بين صفات الله.والمحبة ثمر روح الله.فإذا كان هنالك مَنْ لا يمارس صفة المحبة،فليس هذا متمثلاً بالله ولا شاعراً بمحبته " إن الله قد أرسلَ ابنَهُ الوحيدَ الى العالمِ لكي نحيا بهِ. في هذا هي المحبة ليس أننا نحن أحببنا اللهَ بل أنه هو أحبَّنا وأرسل ابنَهُ كفَّارة لخطايانا.أيها الأحباء إن كان الله قد أحبَّنا هكذا ينبغي لنا أيضاً أن يُحبَّ بعضنا بعضا.ًالله لم ينظره أحد قط.إن أحبَّ بعضُنا بعضاً فالله يثبت فينا ومحبته قد تكملَّت فينا.بهذا نعرف أننا نثبت فيه وهو فينا أنه قد أعطانا من روحه.ونحن قد نظرنا ونشهد أن الآب قد أرسل الإبن مخلصاً للعالم." (رسالة يوحنا الرسول الأولى،الإصحاح الرابع،أعداد  14-9)

فهل هناك أعظم من محبة يسوع المسيح للبشرية ؟!!! وهو الفقير، وغنيٌّ بالروحانيات ومحبته للكل، وبهذا هو غناه.

                                                             عبلين    18/12/2011م     



تعليقات        (اضف تعليق)

* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مسؤولية التعقيب تقع على عاتق المعقبين انفسهم فقط
يمنع ادخال اي مضامين فيها اي تجاوز على قانون منع القذف والتشهير او اي قانون آخر
فيديو عبلين |  اخبار عبلين |  دليل عبلين |  عن عبلين |  العاب اونلاين |  للنشر والاعلان |  من نحن |  اتصل بنا | 
Online Users
Copyright © ibillin.com 2007-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع عبلين اون لاين
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com