يوم الاثنين الموافق
06/05/2024
الصفحة الرئيسية اجعلنا صفحة البداية اضفنا للمفضلة





























24/10/2011 - 08:52:25 pm
صـفـقـة وتـصـفـيـق وصـفـاقـة بقلم حـنـّا نـور الـحـاجّ
موقع عبلين أون لاين

 

- وأخـيـرًا... أُطـلـِق سـراح غـلـعـاد شـالـيـط.

* وسراح مئات غيره. وثمّة بضع مئات أخرى في انتظار الإفراج. وهناك آلاف لم تشملهم الصفقة. وثمّة ملايين كذلك في نار انتظار النهار.

- أكُـلُّ هـذا تـصـويـبٌ؟!

* تصويب... وتصويب!

- فـهـمـتُ... فـهـمـتُ، يـا "مـتّـهِـم"!

* ماذا فهمتَ، يا "متّهَم"؟

- تـصـويـب لـخـطـأ أو لـعـدم دقّـة...

* أجل...

- وتـصـويـب سـهـام اتّـهـام.

* في تحديد التصويبين أصبتَ. باسْم الله! ما شاء الله! "على الطاير"!

- عـلـى الـدوام يـتـطـوّر الـمـرء.

* صحيح. على الصعيد النظريّ -على الأقلّ!

- مـتـحـفّـظ مـدقِّـق نـاقـد عـلـى الـدوام.

* يا متطوّر، الإفراج فرحة عارمة. شاليط ليس الأسير الوحيد المفْرَج عنه.

- لـكـنْ الاهـتـمــام بـه يـفـوق الاهـتـمـامَ بـالآلاف.

* وشهرته كذلك تفوق شهرتهم.

- إذًا، أنـت تـوافـقـنـي؟

* في التشخيص أوافقك، لا في الاستنتاج.

- دائـمًـا أنـت عـلـى هـذا الـنـحـو. يـعـزّ عـلـيـك أن تـقـبـل رأي الآخـر حـتّـى مـنـتـهـاه.

* وأنت هو أنت! هازًّا رأسي مربِّتًا على الأكتاف تـريدني، فتـزيدني عنادًا في بعض الأحيان. لا أريد فرض رأيي على أحد، لكنّي أرفض أن يفرض أحد رأيه عليَّ.

- حـرّ أنـت.

* هذا ما أحاوله وأتطلّع إليه. أن أكون حرًّا. في سلوكي قد لا أستطيع أن أكون دومًا حرًّا، لكنْ في أفكاري وآرائي عليَّ أن أتمكّن...

- كـن كـمـا تـشـاء!

* شكرًا! أنسيتَني ما كنّا فيه.

_ "مـا أحـلـى الـرجـوع إلـيـه"...

* ما أحلاه، وما أمَرَّه!

- وكـيـف ذلـك؟

* رغم أنّي أعرف أنّ شاليط جنديّ حرب، جنديّ احتلال وحصار واعتداء، جنديّ حمَلَ بين يديه قتلاً لا زهرًا... رغم هذا، لم أستطع التخلّي عن إنسانيّتي. لم أنسَ أنّ له والدَيْن وإخوة وجيرانًا وأصدقاء وزملاء وأحبّاء وأعزّاء. لم أنسَ أنّه في مقتبل العمر، وأنّ له بالتالي مستقبلاً قد يكون واعدًا حافلاً بالنجاح والإنجازات. لم أنسَ أنّ شاليط إنسان. لم أدَع للاحـتلال المجال أن يحملني على الاخـتلال. لم أمكّن الاحتلال من أن يغتال إنسانيّتي التي لا تختلف عن فلسطينيّتي. فرحتُ... فرحتُ حقًّا بإطلاق سراحه.

- جـمـيـل!

* وفرحتُ غامرَ فرحٍ لإطلاق سراح مئات المعذَّبين الذين جعلهم الاحتلال -والظلم والاضطهاد- يفعلون ما لا يرغبون فيه، وصَوَّرَهم أمام الرأي العامّ قَتَلةً ومجرمين وإرهابيّين. الضحيّة المضحِّي بحياته قاتلٌ مجرمٌ، والممارِس للاحتلال والظلم بريءٌ ويدافع عن الحياة وعن القيم الرفيعة!

- قـبـل أن أنـسـى... مـا الـذي أزعـجـك خـلال هـذا الـحدث؟

* ليس ثمّة ما يزعج. ثمّة ما يغيظ إلى حدود القرف! المغيظات كثيرة. لكن يبقى الاستعلاء أقرف المغيظات.

- يـا سـتّـار! عمَّ وعمّن تتحدّث؟

* عن تصريحات رئيس الوزراء المتباهية المتبجِّحة الصفيقة.

- أيّـة صـفـاقـة؟

* تلك هي صفاقة "الرجل الأبيض". تلك صفاقة مَن يعقد صفقة كهذه كي ينبري بصلف وصفاقة وتبجُّح (صراحةً أو إشارةً؛ تصريحًا أو تلميحًا) قائلاً إنّ "منطق" واقع الحال يختلف عن منطق الرياضيّات: أجل، أجل، الواحد يساوي ألفًا ونيّفًا. مِن ثَمّ، قد يحصد المسؤولُ الاستعلائيُّ من الصفقة والصفاقة تصفيقًا جماهيريًّا رخيصًا مسترخِصًا، وتأييدًا انتخابيًّا يضمن له فترة رئاسة جديدة مقبلة. تلك صفاقةُ مَن يتباهى بأنّه هو الذي أعاد فتى أبيض يهوديًّا إلى حضن والديه، فيسخر منه الساخرون، حتّى العاقلون المتعقّلون من أبناء قومه؛ وذلك أنّهم يعلمون يقينًا أنّه لولا الرأي العامّ لَما رأى العالَمُ ذاك الفتى الأبيضَ عائدًا إلى منزل والديه. الرأي العامّ الضاغط هو الذي أعاد شاليط إلى والديه لا الرئيسُ المتباهي.

- لـكـن ألا تـلاحـظ أنّ الاهـتـمـام بـآلاف الأسـرى "غـيـر الـبِـيـض" مـحـدود إلـى حـدود الإهـمـال؟

* ولذلك هم مهمّون. عدم الاهتمام بك لا يجعلك بالضرورة غيرَ مهمّ. عدم الاهتمام بك قد يكون إهمالاً ممّن يُفترَض أن يهتمّوا بك. عدم الاهتمام بك قد يجعلك أكثر أهمّـيّة. ما أظرف وأصدق الساخر الذي قال إنّ أكثر الأطفال احتياجًا إلى الحُبّ هم أولئك الذين "لا يستحقّونه"!

- رغـم كـلّ هـذا... مـا الـذي يـمـكـن أن تـعـنـيـه الـحـقـيـقـة هـذه: مـقـابـل أسـيـر واحـد "أبـيـض" يُـطـلَـق سـراح ألـف أسـيـر "غـيـر أبـيـض"؟

* هذا يعني أن جراح الفلسطينيّ ومعاناته أكبر. أكبر بألف. بل بآلاف.

24.10.2011


تعليقات        (اضف تعليق)
1
دوعا
ibillin
24/10/2011 - 09:02:00 pm
نطقت بالجواهر استاذي .. وصدقت

2
إبراهيم مواسي ............
عبلين
25/10/2011 - 12:18:13 pm
إذا ســُمحَ لي أن أضيف شيئاً ،، فإني أنوّه إلى ما تناولته وتداولته وسائل الإعلام أخيراً حول قضية الإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي إيلان جرابل
،، وتجاهل عودة الترابين الذي أتهم كذلك بالتجسس لصالح إسرائيل ــ والله أعلم ــ ،، علماً أنه لم يمض على اعتقال الأول سوى بضعة أشهر ،، أما الآخر فإنه مـُحتجز منذ أكثر من عشر سنوات في الزنازين المصرية !!.. هذه قضية أخرى واضحة المعالم حول أبيض وغير أبيض !!،، رغم أنهما يؤديان نفس الـ תפקיד والـ משימה ....
ملاحظة : اقتباس " ما أحلى الرجوع إليه " موفق جداً وجميل ....

3
Margery
nnRSDNPqzFOGaofswT
29/10/2011 - 08:17:34 pm
That's not even 10 minteus well spent!


* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مسؤولية التعقيب تقع على عاتق المعقبين انفسهم فقط
يمنع ادخال اي مضامين فيها اي تجاوز على قانون منع القذف والتشهير او اي قانون آخر
فيديو عبلين |  اخبار عبلين |  دليل عبلين |  عن عبلين |  العاب اونلاين |  للنشر والاعلان |  من نحن |  اتصل بنا | 
Online Users
Copyright © ibillin.com 2007-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع عبلين اون لاين
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com