يوم الثلاثاء الموافق
07/05/2024
الصفحة الرئيسية اجعلنا صفحة البداية اضفنا للمفضلة





























18/08/2011 - 03:53:09 pm
الصوم... محبة الانسان لأخيه الانسان بقلم جاسر الياس داود

رمضانيات انسانية (2) 


نتحدث عن المحبة والحب والمودة الصادقة منذ آلاف السنين،منذ الفلاسفة اليونانيين سقراط وأفلاطون  وأرسطو طاليس وغيرهم من الفلاسفة والمفكرين العالميين أيضاً. وهذا النداء والحديث عن الحب لا يتوقف،لأن عنصري الخير والشر ما زالا يتشاجران للسكن في قلب الانسان "ليتعشَّشَ"به.لهذا بقي الانسان في صراع بين الخير والشر في نواياه وأعماله،فمنهم مَنْ يستغفر ربّه عند فعله لشرٍّ ما ومنهم لا،مع أن ربنا – عزّ وجلّ- طلب من خالقيه دائماً التوبة والمغفرة أو الاستغفار.

فسيدنا المسيح ابن مريم العذراء حين تحدث مع تلاميذه ومؤمنيه، قال لهم:"أحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم أنا"،ولم يقُل أحبوا المسيحيين،بل تحدث بلغة الانسان لأخيه الانسان،لأننا بحاجة لبعضنا البعض.

صحيح أننا سنتعب وسنجتهد كي نحب بعضنا بعضاً،لأن هذا يُعطينا الاعتراف بالآخر.لم يذكر سيدنا يسوع المسيح نوعية وشكل الانسان الذي يجب أن نحبه،لم يأتِ بطلب متشدّد،فهو يُظهر طبيعتنا التي يجب أن نعمل بحسبها.

ونبيّ العرب محمد بن عبدالله القريشي(صلعم) دعا الى المحبة بين المؤمنين،فكان يحتمي مؤمنوه بالذين يؤمنون بالإله الواحد،فهاجروا الى الحبشة التي دعاهم حاكمها النجاشي الى المكوث في دياره،بعد سماع أقوالهم عن الدين الجديد دين النبي محمد(صلعم)، حتى تهدأ الأوضاع مع القريشيين الكفار.

وهنا يجب أن نُذَكِّر المتشددين بالدين الاسلامي،بأن نبي العرب محمد(صلعم) لم يَدْعُ الى نبذ الذين يعبدون الإله الواحد إلهه ومحاربتهم،بل طلب أن يعاملوهم بالتي هي أحسن،لأنهم كلهم يؤمنون بنفس الإله الواحد.فقد قال تعالى في كتابه العزيز،سورة النساء،الآية (1):" يا أيها الناسُ اتَّقوا ربَّكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبَثَّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحامَ إنّ الله كان عليكم رقيباً".

كما وذكر الله تعالى في كتابه العزيز،سورة الحجرات،الآية 13:" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لِتَعارفوا إنَّ أكرمكم عند الله أتقكُمْ إنَّ اللهَ عليمٌ خبيرٌ".

إذاً خُلِقنا بحكمته التي لا تعلو فوقها أية حكمة مهما كان صاحبها بليغاً،مهذّباً،مثقفاً، متعلماً،وطلب منا أن نتعارف لا أن نتقاتل،أن نفتش عن أخينا الانسان القريب منا ،إبن عائلتنا،قريبنا،جارنا،إبن بلدتنا،ابن شعبنا،وبعدها أبناء الشعوب الأخرى،وليكُن أساس هذا التعارف مساعدة هذا الانسان وتوجيهه وارشاده الى العمل الصالح والمفيد،لا لنفسه فقط بل لكل انسان بحاجة لهذه المساعدة،مهما كان جنسه أو لونه أو دينه أو عرقه أو شكله.

وفي هذا الشهر الكريم،شهر الصيام والتعبّد والصلاة،علينا كمؤمنين أن ندعو الى المحبة ونبذ العنف المستشرس في دولنا العربية وبلادنا بسبب بشاعة وجشع حكامها أو المسؤولين عنهم،لأنهم لا يلتفتون الى مطالب أبناء شعوبهم الانسانية،من أسعار معقولة للمأكولات والمواد الغذائية،وللسكن الذي يأويهم ويأوي أولادهم،ويحميهم من التشرد والضياع والسير في طرق الضلال والفساد الأخلاقي المختلفة.

صادف أن حلَّ هذا الشهر الكريم شهر رمضان المبارك في فصل الصيف،فصل المناسبات المختلفة من عماد والمولد والعقيقة(ليس في هذا الشهر) والخُطب والزواج وما الى ذلك،فأنظر الى أنواع المأكولات العديدة التي تُعَدُّ في المطاعم والمتنزهات المختلفة،حيث أشارك في بعض هذه المناسبات،أنظر وأقول :يا ربي وإلهي أرجوكَ فَهِّمْني فَهِّمْني حكمتك هذه،فهناك أفواه من بني البشر الذي أنت خالقهم،يشتهون لقمة أو كسرة من خبز،ونحن في الوقت نفسه نقوم بإلقاء بقية هذه المأكولات الطازجة في سلة المهملات والنفايات!!!

لهذا أود أن أقول لأصحاب هذه المطاعم والمتنزهات:تذكَّروا بأن هناك الكثير من العائلات المستورة بحاجة الى هذه المأكولات،فإنْ أطعمناهم نكون قد نلنا ثواباً عند الله- عزّ وجلّ – وبهذا التعامل نُعَلِّمُ أولادنا المحبة والمساعدة لِمَن لا يطلب هذه المساعدة أولاً،ومن ثمَّ للذي يطلبها.فقد جاء في قصة النبي موسى الكليم في كتابه العزيز،سورة طه،الآيات 81-82:" كُلُوا من طيبات ما رزقناكم ولا تَطْغَوْا فيه فَيَحِلّ عليكُم غضَبي ومَنْ يَحْلِلْ عليه غضبي فقد هوى وإني لغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وعملَ صالحاً ثمَّ اهتَدى".

نعم،هناك إخوة لنا يؤمنون بالإله الواحد في شعبنا في هذه البلاد،بحاجة لِما قاله ربنا في آياته الكريمة المذكورة،فلنتذكّرهم ولنتذكّر بأن النعم التي يمنحنا الله إياها هي لنا ولغيرنا،كي نبقى نتنعَّم بها طيلة أيام حياتنا.

وهنا لا بدَّ من ذكر قصة الانسان الذي دعا ربّه أن يمنحه مالاً لفترة زمنية معينة،كي يُنقذ نفسه وعائلته من الضيقة الاقتصادية التي ألَمَّت بهم.استجاب الله لطلبه وأغدقَ عليه من نعمه.انتهت المدة التي طلبها هذا الرجل من ربّه،ولكن ما زالت هذه النعم مستمرة في حلولها على هذا الرجل وأهل بيته.فسأل الرجل ربَّه سبب استمرار هذه النعم؟

فأجابه الله عزّ وجلّ:أنا منحتكَ نعمي،وأنتَ أخذتَ منها ما أنتَ بحاجة له،وأما البقية فكُنتَ تعطف بها على الفقراء والمحتاجين المساكين،لهذا عملتَ بما قُلتُهُ لكَ ،أحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتُكُم أنا،وقُمْتَ بتوزيع هذه النِعَم على نفسكَ وعلى عائلتكَ وعلى الناس.

إذاً فلنعمل أيها الأخوة(الصائمون وغير الصائمين،وكل الذين يعبدون الإله الواحد)بحسب ما فعله هذا الانسان،وأن نتذكّر ما يأخذه الانسان في حياته وعند وبعد مماته،فهو يأخذ في حياته الإسم والمال والجاه،أمّا بعد مماته فلا يأخذ سوى ذكريات الناس لأعماله الحسنة والجيدة التي فعلها في حياته معهم ومع بني البشر،أما الجاحد لنعم وبركات ربّه والبخيل فسينسوه الناس ولا يذكرونه في مجالسهم وجلساتهم،إنْ كانت في هذا الشهر الكريم أو في مناسبات أخرى.

لها نتلو هذه الصلاة:

ربنا أرْشِدنا الى جمال تعاليمك

أهْدِنا الى طريق الصواب بترتيب تدابيرك

عَلِّمنا كيف ننجو من خطايانا بإلهاماتك  

إزرَعْ في قلوبنا المحبة حتى ِلمُبغضيك

وأرشدنا وأرشدهم للتقرب من لدنك بتسامحك

يا أرحم الراحمين آمين  

                                              عبلين

 



تعليقات        (اضف تعليق)

* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مسؤولية التعقيب تقع على عاتق المعقبين انفسهم فقط
يمنع ادخال اي مضامين فيها اي تجاوز على قانون منع القذف والتشهير او اي قانون آخر
فيديو عبلين |  اخبار عبلين |  دليل عبلين |  عن عبلين |  العاب اونلاين |  للنشر والاعلان |  من نحن |  اتصل بنا | 
Online Users
Copyright © ibillin.com 2007-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع عبلين اون لاين
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com