يوم الخميس الموافق
02/05/2024
الصفحة الرئيسية اجعلنا صفحة البداية اضفنا للمفضلة





























02/08/2011 - 08:21:41 pm
الـدرس الـعـظـيـم فـي الـشـهـر الـكـريـم بقلم سـهـيـل جـمـيـل الـحـاجّ
مراسل الموقع خليل وليد حيدر

هلّ علينا الشهر الكريم، يحمل في طياته أعظم القيم وأرقّ المشاعر، ويعلمنا الدرس الإلهيّ البسيط العميق الأزليّ في تعاملنا بعضنا نحو بعض، في كيفية تعاملنا مع أنفسنا ومع عائلاتنا ومع أقاربنا، وفي كيفيّة تعاملنا مع "الآخر المختلف"، فلا نعتبره تهديدًا لوجودنا بل نراه جزءًا مهمًّا في فسيفساء مجتمعنا. لذا نرى أنّ الصوم ركيزة في الديانات التوحيدية: اليهودية والمسيحية والإسلامية كما جاء في كتابه العزيز: "يا أيها الذين آمنوا كُتِب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم"... (إلى آخر الآية الكريمة)، ونجده كذلك في الديانات القديمة. فالأُسس والقيم مشتركة بين الجميع، أما الاختلاف فهو في التفاصيل، وأرادنا الله أن نكون مختلفين لنقترب بعضنا من بعض ونتعرف على القواسم المشتركة وعلى نقاط الاختلاف، لنعرف أننا يكمّل أحدُنا الآخر، حيث علَّمنا وفسَّر لنا ذلك في كتابه الكريم :"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا"... (إلى آخر الآية الكريمة).

أما تعريف الصوم في اللغة العربية فهو" ترك الطعام والشراب والكلام والنكاح". فالانقطاع عن الطعام والشراب رأيناه في صوم اليهود وصوم المسيح ابن مريم، لكنَّ الصوم فيه أيضًا الإمساك والانقطاع عن الكلام، كما ورد في القرآن الكريم في سورة مريم: ..."فقولي إني نذرتُ للرحمن صومـًا فلن أُكلّم اليوم إنسيًّا"... (إلى آخر الآية الكريمة).

وجاء في تراثنا العربي الإسلاميّ أنّ الله تبارك وتعالى "خصّ الصَّومَ بأَنه له وهو يَجْزِي به، وإنْ كانت أَعمالُ البِرِّ كلُّها له وهو يَجْزِي بها، لأَن الصَّوْمَ ليس يَظْهَرُ من ابنِ آدمَ بلسانٍ ولا فِعْلٍ فتَكْتُبه الحَفَظَةُ، إنما هو نِيَّةٌ في القلب"...

فالصوم في الديانات الثلاث هو التقرب الى الله والى عمل التقوى، والصوم كذلك هو التقرب من الإنسان الآخر، لنفهمه ونساعده على أن يفهمنا، وأن نقوي العلاقة الإنسانية ونبتعد عن الأعمال السيئة الشريرة. الصوم في الديانات الثلاث يعني التضحية، وللتضحية معانيها الكثيرة الكبيرة الراقية، والصوم هو الانقطاع عن الطعام والشراب لنشعر بالجوع الذي يهدد ملايين الأطفال والشيوخ  في أنحاء المعمورة. والصوم هو نظافة اللسان والضمير، وقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "مَن لم يَدَعْ قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".

ونجد السيد المسيح  يقول في العظة على الجبل محذرًا من التظاهر بالتقوى والعبادة وعمل الخير: ..."سمعتم أنه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك، وأما أنا فأقول لكم أحبُّوا أعداءكم... أحسنوا الى مبغضيكم وصلُّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم... إن أحببتم الذين يحبونكم فأيّ أجر لكم؟! أليس العَشّارون أيضًا يفعلون ذلك؟... احترزوا أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم وإلاّ فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات. فإذا صنعتَ صدقة فلا تصوّت قدامَك بالبوق كما يفعل المُراؤون في المجامع وفي الأزقة لكي يُمَجَّدُوا من الناس... أما أنت فإذا صنعت صدقة فلا تعرف شمالُك ما تفعل يمينُك لكي تكون صدقتك في الخفاء"... (متّى 5-6).

إنّ هذا الشهر المبارك هو مناسبة جيدة لنعيد حساباتنا مع أنفسنا أولاً، ومع الآخرين، حتى نعيد للحياة وهجها القوي الجميل، ونعيد اللُّحْمة الاجتماعية بين أفراد المجتمع، كي نبني مجتمعًا متسامحًا محبًّا نافعًا، ونقوّي علاقتنا بعضنا مع بعض على أسس المحبة الصادقة بعيدًا عن التشنج البغيض والعداوة الظاهرة والخفية، لنعيد لهذا المجتمع روحه الصافية النقية.

أتمنى لطلبتي الأحباء ولزملائي المعلمين ولكل الصائمين صومًا مقبولاً وإفطارًا شهيًا، وأن يعيده الله علينا جميعًا بالخير والصحة والسعادة، وكل عام وأنتم بخير.

عـبـلّـيـن/ تـامـبـا – الولايـات المـتّحدة



تعليقات        (اضف تعليق)

* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مسؤولية التعقيب تقع على عاتق المعقبين انفسهم فقط
يمنع ادخال اي مضامين فيها اي تجاوز على قانون منع القذف والتشهير او اي قانون آخر
فيديو عبلين |  اخبار عبلين |  دليل عبلين |  عن عبلين |  العاب اونلاين |  للنشر والاعلان |  من نحن |  اتصل بنا | 
Online Users
Copyright © ibillin.com 2007-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع عبلين اون لاين
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com