ساعات تفصلنا عن رمضان..
جميعنا.. لا.. لا
عفوًا!
بل قليلنا يتحرّق شوقا له.. وقليل قليلنا يتهيّأ بالفعل ليعيش لحظات رمضان..
العالم منشطر .. ورمضان ينظر..
دمار.. خراب.. توتّر.. قلق.. انشغال بالدّنيا.. ستار أكاديميّ ومشتقاته.. مسلسلات تركيّة.. حملات تفتيش البيوت والعقول والقلوب..وليكتمل النّصاب: ترك الصّيام
ورمضان ينظر..
أنفسنا تنزف معصية.. إننا مكبلون بانشغالاتنا والتزاماتنا ومطامحنا ومطامعنا.. ومتعنا طبعا.. جميعنا يستعدّ لحملة تغيير ذاتٍ فينا!!.. أيّ ذاتٍ هذه التي تتهيّأ لاستقبال رمضان بالطّبيخ، والزّينة، والكعك، والمسلسلات.. هذا للذين أنعم الله عليهم بهدوء البال، فالنّار تغلي فيما تبقّى من أجزائنا العربيّة..!!
ولا زال رمضان ينظر..
قلوبنا تتهافت.. أليس الخشوع لحضور ضيف رحمانيّ مهيب أولى لعمراننا ..
هل نحن بحاجة إلى تنظيم سهرات رمضان. نطلب من الأئمة أن قصّروا في صلاة التّراويح فهناك زيارة؟!.. سهرة؟!.. مسلسل؟!.. وصلاة الصّبح قصّروها، لأنّ المصلين منهكون من سهرة البارحة! والظّهر قصّروه.. لأنّ الدّنيا ناااااااااار!! والعصر.. لأنّ الواحد "مستوي تعب"، والمغرب.. لأنّ النّاس تفطر.. ولن تجد سوى خمسة في الجامع يحضرون كنوع من المجاملة.. وأحيانا لا يأتون.. على اعتبار أنّ الإمام أو المؤذن يقومون بالمهمة (فرض كفاية يعني).. نهارنا الباقي نوم.. متعبون نحن.. !! متعبون والله صدقنا.. متعبة عقولنا من هذه العقليّة!
ولا زال رمضان ينظر..
النّاس في غمرةِ الأمل في أن نتغيّر.. ولن يغيّر الله ما بقومٍ حتّى يغيروا ما بأنفسهم. إنّ رمضان ليس مظاهرًا. ليست العبادة أن تُحمَل المصاحِف وترى القلوب قد نسيت معاني الكلام والتهت بالختمة الأولى والثانية والثالثة والعاشرة.. ليسَ الذّكر أن نمسك المسبحة ساعات.. ونلتهي بأحاديث جانبيّة. ليس رمضان يزورننا لينظر فينا تمثيلنا الرديء ورياءَنا في العبادة.
تعالوا نلتهي هذا العام بلحظة أعمق فأجلى فأجمل.. كما يفعل قليلنا.. حتّى نصير كثرة.. فالخيرة في ما كثر فطاب .. ولرَمضان يسعدُ إذ يحلّ فيترك فينا ما نبحث عنه في هذه الدّنيا أبدا..
فلنعمل لأجلنا.. إنّ الله جلّ وعلا قد ترك لنا هذا الوقت رحلةً فيها من المصاعب والمصائب ما فيها.. وترك لنا بالمقابل علامات وإشارات فيها ترشدنا إليه أخيرا.. ومن هذه الإشارات رمضان بكلّ تجليّاته.. فلنعمل على صياغة أهدافنا من جديد.. ولنسارع بالفعل.. فتلك فرصة.. ينظر فينا رمضان فيرانا .. ويبلّغ عنّا كلّ عامٍ عظيمَ العودة!
كلّ عام وجميعنا إلى الله عائدون .. وفي معارج النور إليه ساعون..
كلّ عام ورمضان ضيف مكرَم بطاعاتنا إن شاء الله