يوم الخميس الموافق
02/05/2024
الصفحة الرئيسية اجعلنا صفحة البداية اضفنا للمفضلة





























13/07/2011 - 08:01:08 pm
كفّ بصري
خليل وليد حيدر

بعد أن عاد والدي من عمله في المنجرة،كنت جالسًا في غرفتي، أعبث بصوري وأقلامي وحاسوبي أنقل بصري بشراهة بين جسد وآخر .
 وأضاجع كل مشاهد الإباحيّة . كنت في ذلك السنّ صاحباً لجهلي، كل حياتي أفنيها في استعلامي من بصري وغريزتي أجساد وأشكال
 النّساء؛ كيف هنّ وكيف نبلغهنّ، لا بل لا أخفيك أنّي تذوقت ذلك حسّا ومعنى. قل ما شئت .. وحش هائج، غبيّ طائش؛ فقد كنت كلّ
 شيء . حتّى حان حينٌ فيه التقيت عقابًا يليق بفُجري .
كان ذلك المساء ..
حينما وجدت نفسي أركن بين ضباب كثيف . أنادي فلا أُجاب ، وأصغي لأنّات تصدر من أحشائي ولا أُسمع . كنت أعلم ما يدور حولي
 بسمعي فقط ولكن الكون لا يسمعني . ربّما لا يراني أيضا لأني لا أراه .. ولكن أين النًور.. أين الحياة .. لا أعلم .
بعد دهر من الزمن مرّ بي في غرفتي فتح الباب سمعت أب يناديني ، ثم يناديني مرة ثانية ، ثم يصمت . كنت أجيبه.. كنت أصرخ، لكن
 على ما بدا لم يسمعني. بعد قليل سمعت صوت أوراق تتطاير حولي، وصوت الفيلم الذي كنت أشاهد يصدر .. ثمّ .. أبي يستعيذ ويبكي ..
 وأنا أنادي وأصرخ لوحدي ، ولا أحد يسمع صدى صوتي سواي .. شعرت بجسدي يرتعش ، يتخبّط ، ينتفض . بدأت حينها أسمع صوت
 الأوراق والأفلام تتناسق مع حركة جسدي وهي تقذف في درج مكتبتي .. هي يدا والدي من فعل .. أنبأني صوت نشجيه بذلك ، فهدأت !
أمسكَ برأسي وطلب مني أن أقول شيئا ، أن أنطق ، ولكنني فشلت فازداد بكاءً ونشيجا وانتحابا . من قسمات صوته أدركت أنه يستغفر
 ويستعيذ ويطلب الرحمة ورفع البلاء . وبعدُ، امتلأت الغرفة بالجميع . في الواقع لم أعلم إذا ما كنت صامتا أم متكلما ، متحجّرا أم
 متحركا . كل ما كنت فيه من وعي تلاشى وأصبحت لا أستوعب إلا صوت ذلك البكاء الذي لم يفارق بيتنا إلى اليوم .
ومرّت لحظات طوال ، علمت فيما بعد أنها كانت أياما وليالٍ قضيناها في مشفى المدينة ، في قسم الأعصاب . أخبروني بأني عانيت من
 نوبة عصبية حادة أيام . في البداية لم أكن أتذكر أي شيء ، كما لم أرَ أي شيء . سألت الطّبيب الذي جاء لعيادتي: أين النور ، أين
 الناس أين الأشياء ؟ فسكتَ ثم قال لي فقط : والدك يريد أن يراك . حينها فقط تذكرت، أو بدأت أتذكر.
تقدّم والدي بهدوء تبيّنته من وقع أقدامه، ثم جلس بعيدا . لم يقل شيئا إلى أن ناديتُ : أبي .. حتى إذا ما فعلت انتهى حاله إلى البكاء .
 سكتُّ ثم عدت فناديت "أبي" فأجاب بعد لحظة صمت مشوبة
بأنينه إني هنا بجانبك في وقت تأخر يا بنيّ ، ها قد تلقيت عقابا مثلما تلقيت على إهمالنا لتقوى الله … أنت في حرمة قلبك وإيمانك وأنا
 في آلي، ولكن شاء الله.. لم نجن من عملنا ذا شيئا ، بل لم يبق أي شيء لا شيء سوى التوبة والتقوى . شعرت أني أفهم ولا أفهم ما
 كان يقول .. إلى أن قاطع ذهولي ليسألني : أتفهمني؟
فلم أجب . كنت أحاول أن أعيد شريط ذكرياتي . من أنا ؟ وماذا فعلت ؟ وكيف كبرت ؟ ومن صادفت ؟ وما الذي عليه أقدمت ؟ .. وأين أنا
 الآن وماذا جنيت .. حينها فقط أيقنت بأن الله كَفَّ بصري وهذا أول الغيث .. وبقيت آخر كلمات أبي تقرع في قلبي.
لم يبق لنا أي شيء .. لا شيء سوى التوبة والتقوى
.. فانتشر دمعي وتشرّد وفي معترك نفسي انطويت حتى يومي آملا رحمة الباري وغفرانه متوسّلا بحقّ وذات النبي وآل البيت !
من إسراء حيدر  صديقة الموقع


تعليقات        (اضف تعليق)

* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مسؤولية التعقيب تقع على عاتق المعقبين انفسهم فقط
يمنع ادخال اي مضامين فيها اي تجاوز على قانون منع القذف والتشهير او اي قانون آخر
فيديو عبلين |  اخبار عبلين |  دليل عبلين |  عن عبلين |  العاب اونلاين |  للنشر والاعلان |  من نحن |  اتصل بنا | 
Online Users
Copyright © ibillin.com 2007-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع عبلين اون لاين
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com