يوم الخميس الموافق
02/05/2024
الصفحة الرئيسية اجعلنا صفحة البداية اضفنا للمفضلة





























2011-06-13 12:55:09
في عمق عمقها حمراء بلون الدم في عروقها بقلم جاسر الياس داود
بعناوية الأصل، حمراء كبلدتها البعنة الحمراء، في طفولتها رضعت حليب الصمود والتحدي، وآمنت كغيرها من شباب وشابات بلدتها بصدق وعدالة قضية شعبها، فكانت تشارك بعض الشباب والشابات في توزيع الدعوات لاجتماعات الحُمُر في اجتماعات سرية، أيام كان الحكم العسكري يشدِّد الخناق على القرى والبلدات العربية، مستغلاً بعض ضعيفي النفوس والجهلة لتحقيق مآربه ومعرفة تحركات أبناء الشعب العربي الفلسطيني في هذه البلاد.
لم تكن لتعرف الخوف، فقد كان أخوها البكر يعمل في سلك التعليم آنذاك ولا يعرف الخوف قلبه، يؤيد ويدعم الحُمُر مادياً ومعنوياً، وفي نفس الوقت يُؤمِّن لقمة  العيش لأفراد عائلته، ويُؤمِّن الدعم لها من داخل العائلة، ويحثها على المواظبة على الدراسة ويراقب تعليمها، فهو لا يريد العمل السياسي على حساب تعليمها.
كانت تدرس وتقوم بواجباتها المدرسية، ومن ثم تشارك في النشاط الشبابي بالبلدة. كانت تستمتع في هذا العمل لأنه يبشر بالخير لها ولأبناء بلدتها، الذين آمنوا بالصمود والتحدي فوق" بلطان " الشاغور الصلدة التي علّمتهم وربَّتهم على العزيمة والإصرار، فهي تتحدى الزمان بأمطاره وبشمسه الحارقة، فهذه الظروف تريد تفتيتها الى حبات صغيرة لتسحقها بسهولة، لكن هذه البلطان لا تعطيها ما تريد.
كان الأقارب آنذاك يزورون أقاربهم في البلدات العربية الأخرى ويمضون أياماً وليالٍ، خاصة في فصل الصيف في أيام عطلة المدارس الطويلة. وكانت هذه البعناوية، تستعين بقريبتها التي تصغرها ببضع سنوات، لتساعدها في توزيع الدعوات وإيصالها الى عناوينها شخصياً، كي تضمن اشتراك أكبر عدد ممكن من الشبان والشابات في اجتماعاتهم، التي كانت تهدف الى توعيتهم وزرع حب الوطن في قلوبهم، ونزع فتيل الطائفية والعنصرية التي كانت تُحيكها بعض الأيادي الخادمة لمصالح الحكم العسكري آنذاك.  
عَلِمَتْ يوماً من احدى الفتيات بأن فلان يراقب أخاها ويريد "تخريب أو خراب بيته"،
لأنه يدعم الحُمُر بالمال سراً. لم يكن هذا جديداً عليها بأن يدعم أخوها مادياً أصحاب الأيديولوجية الأممية، ولكنها خافت عليه من أن يدفع ثمناً باهظاً مقابل الايمان بهذه النظرية ومناصرة أصحابها. 
في يوم من الأيام فاتحته بالموضوع فابتسم وقال لها: لقد علمت بهذا منذ زمن، وأنا أعرف مَنْ يراقبني. أختي لا تخافي فصاحب الحقّ لا يخاف إلا من العمل المُخزي، أما نحن فندعم أبناء شعبنا الكادحين الذين يُؤمِّنون لقمة العيش الكريمة بعرق جبينهم، لا كالمدسوسين الذين يعتاشون " بكم ليرة عشان يخربوا بيوت الأوادم. لو كانوا هدول أوادم وأبناء أحرار لَمَا رضيوا بهذا العمل!!! كل شعب فيو شوية خَوَن ولكن مش راح تطول معهم. طريقنا راح تنتصر وهدول على مزبلة التاريخ إذا رضْيَتْ إضُّبْهِنْ!!! سجلي شو بقلِّك وإوعِكْ تخافي، كَمْلي في نفس الطريق وإوْعِكْ تِنسي دروسِكْ. وسَلميلي على فلان وفلان وقوليلهن بعد يومين بوصلوكُ ثمن الدجاجات.
سألت الأخت: أية دجاجات؟ لم تُحضِر لنا دجاج.
ابتسم الأخ وقال: أخذت عَ عيد الأضحى كم دجاجة لعيلة مستورة.
استمرت هذه الشابة تشارك بالعمل مع الحُمُر، فكانت تحضر اجتماعاتهم وتنشط بين الشابات، حتى أصبحت البعنة في يوم من الأيام تدعى بالحمراء،نسبة الى الشيوعيين الذين كانوا يحصلون على نسبة كبيرة من الأصوات في انتخابات الكنيست آنذاك، مما دفعهم الى العمل بكل قوة وعزيمة من أجل المحافظة على هذا التحصيل والنجاح السياسي.
بقيت هذه البعناوية في نشاط مستمر، تواظب على الدراسة والنجاح في دروسها، وتستمر في نشاطها السياسي، الى أن أبلغتها عائلتها في أحد الأيام بأن هناك شاب قد تقدم بطلب يدها من بلدة أخرى، والعائلة أعطته الموافقة ، لأن الشاب ملائم لها.
وهكذا توقَّف المشوار السياسي الذي بدأته هذه الفتاة أو الشابة، مع بداية بناء العش الزوجي، إذ كان الزوج غير أحمر.
لكنها بقيت تحِِنُّ الى تلك الأيام، وأحياناً كانت تذكر بعض الأحداث التي مرَّ بها الحُمُر في بلدتها البعنة الحمراء والابتسامة تعلو شفتيها، ثم تتنهد وتقول: كانت أيام حلوة كثير.       
 
جليليات (4)


تعليقات        (اضف تعليق)

* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مسؤولية التعقيب تقع على عاتق المعقبين انفسهم فقط
يمنع ادخال اي مضامين فيها اي تجاوز على قانون منع القذف والتشهير او اي قانون آخر
فيديو عبلين |  اخبار عبلين |  دليل عبلين |  عن عبلين |  العاب اونلاين |  للنشر والاعلان |  من نحن |  اتصل بنا | 
Online Users
Copyright © ibillin.com 2007-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع عبلين اون لاين
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com