لـو كـان الـوضـع مـعـكـوسًـا...
أحد الممرّضين العرب في بلادنا المريضة طُرِد من عمله في أَحَد المستشفيات؛ لأنّه كتب في صفحة حسابه الخاصّ على الفيسبوك ما ملخّصُه أنّ من يَقتلون في غـزّة الآن هم مجرمو حرب.
ترى، لو كان الوضع معكوسًا... لو كتب أحد العاملين اليهود في ذاك المَشفى المريض الجملةَ الواسعة الانتشار، المكتوبةَ والمهتوفَ بها علنًا على نحوٍ شبه يوميّ، والتي لَم يحاكَم بجريرتها حتّى اليوم أيُّ متفوِّه بها: "الموت للعرب"... لو كتب ذلك في صفحته الفيسبوكيّة، أو في غيرها، هل كانت إدارة المَشفى غير المعافى ستأمر بفصله؟! ولو هتف عربيّ بالجملة نفسها مستبدِلاً "للعرب" بـِ "لليهود"، هل سيبقى بعد سويعات خارج جدران السجن؟!
لا، يا إخوتي! لا تتجشّموا عناء البحث عن إجابة!
لا تورّطوا أنفسكم في محاولة تقديم إجابة؛ فأنتم مراقَبون، وقد تعاقَبون!
لا تكتبوا مشاعركم، ولا تعبّروا عن آرائكم ومواقفكم؛ فقد يُحقَّق معكم في المَخافِر، وقد تحاكَمون!
أَقِرّوا ليلَ نهارَ بأنّ جيش الدولة ("جيش الدفاع") جيش أخلاقيّ من الطراز الأوّل، لم يشهد التاريخ مثله!
اعترِفوا بأنّ دولتكم/ دولتهم هي الأكثر ديمقراطيّةً... لا في المنطقة فحسب، بل على وجه البسيطة قاطبةً!
لا تُنكِروا كذلك أنّ الإعلام العبريّ (بمذيعيه ومراسليه وصحافيّيه ومحلِّليه) قمّة -بل ذروة- في النزاهة والحياديّة والمهنيّة والموضوعيّة! يكفيكم شاهدًا على ذلك كلٌّ من إيهود ياعاري، وروني دانيئيل، وتسفي يحزقيلي، ودان مرغليت، ورينا متصليح... تسمعونهم وتقرأونهم، فتتيقّنون أنّ الوعي السياسيّ والإنسانيّ في هذا المجتمع المسكين مضمون القدوم قريبًا! سبِّحوا بحمد هؤلاء البَرَرة جميعًا!
* * * * *
غـزل / خـجـل
غـزّة، يا كبرياء فلسطين، يا عار العرب، يا فضيحة البشر!
غـزّة، يا جرحي الباقي حتّى يحقّ الحقّ...
غـزّة، أيّها القنديل القليل الزيت، الساطع الضوء...
غـزّة، يا عناءً ما فيه فَناء، وغناءً ما فيه بكاء...
غـزّة، كبـيـروت لقلب الجنوبيّ الجميل جـوزيـف حـرب؛ أنتِ لي...
برغم الحزن والغضب (أو بسببهما) من بين الدمار والرماد، الماردُ ناهض. سينهض مُلامِسًا عَنان السماء...