نلتقي معكم مجددا في لقاء جديد يجمعنا سوية، نفتح من خلاله ملف آخر من ملفات حياتنا العديدة ، نتحاور حوله ، ننظر إلى جوانبه المتنوعة ، ونحاول استكشاف أمره  بإبداء آرائكم الجميلة والغنية والتي تهمنا كثيرا فأهلا وسهلا بكم أينما كنتم في أشغالكم أو أعمالكم أو بيوتكم ........

عندما نمنع عن أنفسنا شيئا معينا .... يبدأ العقل بالتعامل مع تلك الفكرة وذلك المنع ...
ويتفاعل مع ( فكرة المنع ) ... , فالذي يحصل هو أن العقل سوف يقوم بالتركيز على تلك الفكرة والتفكير بها ... وسيفكر بالممنوع " وسيقوم بتخيل تفاصيله ، فتنشأ احاسيس معينة تتسم بالانجذاب الى ذلك الامر ... فتتولد الرغبة في الحصول على الممنوع لدى الشخص جراء تلك العملية الكاملة ... والتي بدأت بالتركيز والتفكير في ذلك الشيء فنحن البشر بشكل عام لا نركز على المسموح ... بل نركز على الممنوع ... لأن المسموح يتوافق مع الطبيعة النفسية لنا كبشر ... والممنوع يتخالف معها ... لذلك العقل يستنكر ( المخالف ) وليس المتوافق , والذي يعتبر شيء عادي وطبيعي بالنسبة له ... وعلى سبيل المثال بالنسبة لفكرة ملاحظة العقل وتركيزه ...
فعندما نرى سيارة جديدة وسليمة .... فإننا نلاحظ وبسرعة أي خدش أو تلف لأحد أجزاء السيارة .... بينما لا نرى كل المساحة السليمة هناك ... ونجد أننا نركز على الناحية التالفة الصغيرة جدا ... و نتغاضى عن تلك المساحة السليمة والكبيرة

" الممنوع مرغوب " ..... لا شك أن هذه العبارة بات يرددها الصغير قبل الكبير ، وباتت مرتعا وخيما للكثير منا بمعنى آخر هي حجة لدينا لا علينا .... فكلما سمعنا هذه الجملة أو قرأناها في مكان ما ، كانت جريدة أو كتاب أو حتى في تلفاز أو حاسوب ، سارعنا إليها لنستكشف خباياها ومجهولها ، ولنعرف ما هو الممنوع فيها ، كيف هو ، وما كنهه ، والسبب في امتناعه . وإنني لأعطي لكل من يسير في هذه الطريق الأحقية الكاملة ، بل اعذره..؟؟ فهكذا هي فطرة الإنسان لطالما أحب المخبئ في السطور ولطالما عشق المطمور وسارع حتما للمجهول .... فلنا في قصة ادم عليه السلام لعبرة واضحة ومؤكدة ، عندما نبهه الله تعالى من تلك الشجرة إذ قال له " لا تقربا هذه الشجرة لتكونا من الظالمين " فلم يعمل ادم عليه السلام بكلام الله فانزله من الجنة إلى الأرض ليشقى فيها ويعمل .

أيها الطيبون لو تطلعنا يسرة ويمنة ، في كل مكان ماذا سنجد ؟؟؟ سنجد من المغريات والشهوات مالا عين رأت ولا إذن سمعة واني لأخص بالذكر هنا في أرضنا " منطقتنا " فنجدها في الأسواق ، المطاعم ، مكان العمل ، الطرقات ، التعليم ، وحتى داخل البيت نفسه  ، فمع تقدم العلم والتطور والازدهار نرى أن كل شيء أصبح مقدور عليه بل سريع الوصول إليه فبكبسة زر واحدة يتجلى لك كل ما تتطلب وتريد ...!!! واني لا أعطي الإذن للشروع بالممنوعات وأزيد في ترغيبها أبدا ، لكني اقرأ الواقع وما فيه من تحديات .

فالمرء حريص على ما منع ، وتواق إلى ما لم ينل ، ولهذا نرى أن الإنسان لو جلس في بيته شهرا كاملا لم يصعب عليه ذلك ، لكن بالمقابل في هذه المعادلة التي ليست عادلة نرى أننا إن طلبنا منه ألا يخرج من البيت يوما واحدا فقط فسيطول عليه الأمر . فسبحان الله ..... ! فالنفس يشق عليها الحكم والاتعاظ فلا تقبل بذلك أبدا .

لذا أيها الأعزاء الطيبون ان الله تعالى وهبنا عقلا لنفكر فيه ونتدبر أحوالنا به ، وان كانت مشكلة هذا العقل زيادة الطلب في حب الاستطلاع ، والفضول وتجربة كل ما هو غريب عنا ومجهول ، وان كانت لي نظرة في هذا الموضوع وهو انه لا ضير باستكشاف ومعرفة المجهول والممنوع لكن مع التوقف في بعض المفارق لوضع الخطوط الحمراء ، فان كنت راشدا بالغا يجب عليك التوقف والرجوع إلى طريق العودة .

أما إن كنت تحت سن التكليف فعندها يجب أن تكون هنالك رقابة ما لكنها حتما لن تكون مشددة ومفرطة ، لأنها إن كانت كذلك حقا ،سيحكم عليك المراقب بالمجهول بمعنى انك ستقدم عندها على جميع الأمور ، ليس لأنك تحب استكشافها وتريد معرفتها أبدا ، لكن كيدا و جكارة    بالذي يأخذ دور المراقب لك ...؟

فحاذري حاذري أيها المراقبون دعوا الأمور على حالها دون الإفراط ودون التشدد فان منعت عن ابنك أيما أمر كان ستزيد الأمر صعوبة ، كل ما عليك فعله هو الوقوف على الأمر من بعيد مع إدراكك لما يحصل وفهمك لما يدور من حولك ....

جورج سلمان

محرر موقع عبلين أون لاين