بعدك على بالي,جبور يا غالي
بمناسبة الذكرى السنوية الاولى اليك يا عزيز... يا حكيم.
بهذه السرعة تطير السنة وكانها لا شيء... لقد مرت سنة على رحيلك يا ايها الطبيب الماهر, نذرت حياتك في التخفيف من آلامِ مرضا ك لتبعث الامل فيهم بالشفاء. فبادلوك الإهتمام بالإحترام والتقدير والحب الكبير.
احببت الخيرلكل الناس كما لنفسك ونِعم مكارم الاخلاق. ربما لا املك الصوت العالي لمديحك لكن... املك الذاكرة القوية لأذكر صورتك التي ما غادرت مخيلتي وستبقى ساكنة فيها كل أيامي . ذكراك التي في وجداني وقلبي وروحي , مازلت حيًا في ذاكرتي وما زال طيفك ماثلًا أمامي وحديثك العذب في أذني .
كنت صديقًا لي ولعائلتي وكنت الطبيب والقريب والحبيب. سناء زوجتي تفتقدك وأولادي ما زالوا حين يتحدثون عنك يقولون "عمو جبور" وحتى اكثر... كنت المثل الأعلى لفرحة وحبيب .
ها هي الأيام تمر ثقيلة حزينة منذ رحلت عن هذه الديار ومع بزوغ كل فجر أثناء ذهابي لعملي أذكرك... نعم أذكرك كل يوم فانت جاري الرضا. وحين أقترب من قرية الدامون المهجرة التي كنا بها وزرنا بقاياها ومقابرها , البروة الغابسية وغيرها.. ولا أنسى قلعة جدين والجعتون لطالما جلسنا هناك أكثر من مرة مع عائلاتنا كنت حينها تحمل كاميراتكَ وتلتقط الصور وبالكاد جلست معنا .كثيرة هي المرات التي أمر بها قبالة المشفى فتدمع عيني في كل مرة , هنا أصبحت الطبيبَ المتخصصَ الذي ذاع صيته وأحبك الناس من كل البلاد .
شريط الذكريات يمر بسرعة أتذكر الأيام الجميلة عندما كنا نلتقي بـ "الجنينة" نحتسي فنجان قهوة وتتحول القعدة إلى منتدى فكري وفني وإجتماعي يتتداول الأصدقاء ( حنا , سهيل , معين ) معك شتى المواضيع . ومن بيتك خرجنا تلك الليلة المقمرة بإتجاه " راس نعمة "وتحت شجرة الخروب إنبثقت فكرة " نادي المحبة" الذي أنت من مؤسسيه وأعطيت من وقتك وجهدك وفكرك وتجربتك وإنسانيتك الكثير الكثير. أذكر تعابير وجهك الضحوك وصدى كلماتك يملأ البيت , ذكرياتك هذه كلها مجتمعة ممتعة مغمورة بالحب والإنسانية ,إلى أين إنطلقت روحك الشفافة ؟؟؟
نعتز بما خلفته من نجاحاتٍ باهرةٍ في مجال الطب النووي حيث وصلت أبحاثك أرقى المجلات العالمية ولا أنسى بأن لك الفضل الكبير في توثيق القرى المهجرة بكاميراتكَ .
قبل سنة رحلتَ عنا إلى السماء تركتَ الأهل والأصدقاء . أتذكر إنسانًا عزيزًا لأكتب عنه بعد رحيله , عشت حياتك ملأى بالنشاط والعلم والعمل . رحلت وأنت في قمة العطاء وما أحوجنا لأمثالك من الرجال البارزين المخلصين الذين عشقوا الحياة والوطن وأحبوا عملهم بإخلاص , ولم تنسَ أبناء شعبكَ المحاصر فكسرتَ الحصار وذهبت لتداوي جراحهم في قرى جنين ونابلس .
على مدى سنوات من المعرفة لمستُ بِكَ الإنسان المميز والمتميز..! تركت خلفك كل هذه المساحة الشاسعة من الفراغِ في بيتكَ ,حارتِكَ بلدِكَ عبلين ,أحببت خدمة مجتمعك فأحببت الناس فمن أراد أن يكون للناس قائدًا عليه أن يحبهم ويرعاهم ... وكنت كذلك.
كثيرونَ هم الناس الذين يرحلون , لكن القليل منهم تبقى آثارهم الخيرة ظاهرة ناصعة رغم غيابه الجسدي وأنتَ هوَ يا جبور يا حكيم واحد من هؤلاء العظام .
لتبقى ذكراك خالدة
صديقكَ سليم الحاج.