بجوٍّ مفعمٍ بالبهجةِ والسّرور والمحبّة والإخاء، وبمناسبة الأعياد المجيدة ورأس السّنةِ الميلاديّةِ الجديدة، ضجّت قاعة الأودوتوريوم في كليّة مار إلياس في  عبلين الجليلية، بمحبّي الموسيقى والشّعر والفنّ الأصيل، من عبلين والكرمل، من إبطن  وكفر ياسيف، ومن قرى الشّاغور والمدن وحيفا والناصرة القرى المجاورة العربية واليهودية، وذلك للمشاركة بهذا الحفل المهيب (مهرجان الجوقات الثالث/ تحت اسم  يلا نغنّي سوا).

باستضافة "جوقة الكروان"، وبحضور شخصيّاتٍ اجتماعيّةٍ وثقافيّةٍ وأدبيّةٍ، تعالتْ نغماتُ البيانو والفرقة الموسيقيّة، لتصدح في سماء القاعة التي امتلأتْ بالمشجّعينَ والوافدينَ بمعزوفاتٍ فيروزيّة، خاصّةً بالأعياد المجيدة ورأس السّنة المباركة

.

عريف الاحتفال، صاحب الصّوت العذب الجهوريّ ابن الكرمل الشاب الجميل فكتور روحانا" اعتلى منصة المسرح وبكلمات شجية شعرية وفنية راقية رحبّ بالحضور وبالضيوف وأشاد بكلمته باقتباس لفنانين أقوالهم عن الموسيقى وأكّد أن المجتمع العربي في فلسطين يفتقر لمثل هذه الأمسيات التي تبعث بالنفس روح العطاء والتسامح والتآخي بين الشعوب وأضاف، أنّ جوقة الكروان بإدارة وإرشاد وقيادة المايسترو" نبيه عواد" صار اسمها يتردّد على كل لسان وعلى مسامع القاصي والداني، لتبعث الحياة على جناحي طير، وتتنقّل في الوطن وخارجه، فهي الجوقة الأصيلة جوقة التراث والموشحات والفيروزيات، ووجّه كلمة رائعة للجوقة بقوله:

كونوا سفراء شعبنا وطوفوا البلاد فقد اتخذنا من الفيروزيات أناشيد وطنية، ومن تراتيل البلاد، ومن حفنة تراب صورة لوجه الوطن، لنؤكّد أنّ حدودنا أوسع وأكبر مهما ضاق بنا حيّز المكان

.

افتتح المهرجان فقراته "بفرقة براعم" مدرسة القدّيسة مريم بواردي في عبلين، بتدريب الفنانة سمر عواد، حيث دخلت البراعم القاعة بحمل الشموع وبلباس مهيب لعيد الميلاد وبتراتيل هامسة من حناجر الطفولة البديعة والتي تعد بمستقبل باهر لهذه الطفولة البريئة التي صفق لها الجمهور بمرافقة نغمات البيانو المنسابة من بين أصابع سحريّةٍ أخّاذة ونابضة، بعزف الفنانة سمر عواد" من عبلين وبمرافقة ديكور المسرح الجميل وبمرافقة الأضواء البهيجة التي ازدانت بها أشجار الصنوبر وجدران المكان وبمرافقة " كشاف عبلين" الذي قدّم ترحيبه واستقباله وخدماته للجمهور بزيّه الكشفيّ المرتّب والأنيق.

رافقت "البراعم" عازفة البيانو الفنانة " سمر عواد؛ "ابنة المايسترو "نبيه عواد"، والتي أبدعت بعزفها خلال الأمسية، كما وشاركت في الفقرة الثانية (جوقة أورطوريو الكاميري) من القدس، حيث علا صوت الفرقة بأناشيد ملائكية باللغة اللاتينية والانجليزية، والفرقة احتوت ثلاثين فنّانًا وفنّانة بأصواتهم الأوبراليّة السّامقة، وليست هي المرة الأولى التي تشارك فيها هذه الفرقة مهرجان الجوقات الكروانيّ، بل وإنّها أيضًا ساهمتْ باشتراكِها مع جوقة الكروان، وفرق أخرى في مهرجانات  " بصوت واحد " في فرنسا ومالطا وقبرص في الثلاث سنوات الماضية. 

أمّا الفقرة الثالثة والباهرة فكانت من نصيب المضيفة لهذا المهرجان، ألا وهي "جوقة الكروان" عبلين، وعدد المشاركين فيها على المنصّة ما يقارب الخمسين فنّانًا من شباب وفتيات، تتراوح أعمارهم بين الخمسة عشر عامًا والأربعين عامًا، بقيادة المايسترو ابن عبلين " نبيه عواد"، فقدّمت الجوقة ترانيم دينيّة ووطنيّة واجتماعيّة منتقاة لفيروز، صاحبة الصوت الملائكيّ، كأغنية ضوّي بليالي السعيدة/ ثلج ثلج/ ليلة عيد/ شو في أطفال فقرا/ وأغانٍ أخرى للوطن الجريح، وقامتْ صاحبة الصّوت الجميل الشّاعرة والفنّانة "آمال عوّاد رضوان"، بأداء غنائيٍّ منفردٍ فاجأ وأبهر الحضور، وكذلك الفنّان سليم خليل الذي حاز على المرتبة الأولى في مهرجان الاغنية العربية للبراعم الشابة "نجم يافا" 2009  ، والفنان أيمن خليل.

مِن هَوْن نِحْنا  

عَ هالأرض أَغراب ما جينا

 وإذا عْلَيْنا فَرْضوا العتمات

 ما فيهن يشيلوا نجمات ليالينا      

وَمْهما شَحَّتِ الغلاّت

 راح يشقّ الغار درب الشّوك ويِحْمُل أسامينا 

  حكاية هالعمر نحنا  

 حكاية ساقية وعنقود

  وكروان يصيح فوق روابينا

ولباري الكون بهالمسا نرفع أَداعينا

تَ لَحْنِ الوفا فينا يْدوم

وبالفرح تتلاقى أَمانينا

مِن هوْنْ نِحنا.. عَ الأرض أَغراب ما جينا

المجدُ لله في العلا، وعلى الأرض السلام، وفي الناس المسرّة، بهذه الكلمات اختتم مايسترو جوقة الكروان "نبيه عواد"، ومدير المعهد الموسيقي في عبلين عريف الحفل فكتور روحانا، لروحه الطيبة وتفانيه وتضحيته من أجل إنجاح المهرجان والذي شرّف الكروان بحضوره المتألق، وشكر كل الحضور ومن ساهم في دعم هذا الحفل ومسيرة الكروان الفنية، شكر رجال الدين الأب سبيريدون عواد والأب رومانوس رضوان، والحضور والضيوف الأجلاّء من أدباء وشعراء من عبلين وخارجها، وشكر المخرج أحمد دخان زميل جوقة الكروان والمرافق لها على مدار سنوات، كما شكر القيّمين على قاعة مار إلياس، والتي دائمًا تفتح صدرها وأبوابها لنشاطات جوقة الكروان، وشكر العازفين خرّيجي المعهد الموسيقي في عبلين، والذين رافقوا الكروان في التدريبات والاحتفال وثمن عاليا دور جوقة الكروان الرائعة والباهرة أعضاءً وإدارةً،

وشكر سرّيّة كشّاف عبلين بإدارة الأستاذ جاسر عواد بلباسها الكشفي وتنظيمها في استقبال الحضور،وأعلن أن جوقة الكروان لها رسالة (رسالة السلام) في العالم من أجل شرق نظيف وجميل، فمنذ اللقاء الذي جرى في فرنسا بينه وبين فنانين من الدول العربية والأجنبية، التقى جرح غزة بالجرح الفلسطيني من عرب الداخل من خلال الكلمة الموسيقية الحرة، وفي كل مكان، ومن خلال إسماع الآخر الأجنبي من دول أخرى لأصواتنا المجروحة، فهذا يثبت أن الموسيقى لا تستطيع العيش داخل حصار، بل مهمتها الانطلاق وكسر الحواجز، ووجّه تحية لفرق غزة الموسيقية، وأعلن أنه بصدد وضع اللمسات الأخيرة لمشروع غنائي "أوبريت"غنائي ضخم، من إخراج " أحمد دخان" وسيناريو الكاتب "زهير دعيم" بعنوان "احكيلي"، وهو عبارة عن مزيج من الفن العربي الأصيل والرقص والغناء، باشتراك أصوات مبدعة شابة لفتيات وشباب جوقة الكروان.
وتمنّى على الجميع وعلى الإنسانيّة سنينَ مباركة عديدة، وأعياد مجيدة سعيدة، وسنة مباركة تحملُ في طيّاتها كل الحبّ والخير والسلام، ولقاءات كروانيّة قادمة وراقية.

ومن البعيد القريب تكلل الاحتفال أيضا بحضور شعراء وأدباء وفنانين: الناقد والكاتب د. بطرس دلة، الشاعرة سعاد قرمان، الشاعرة والأديبة هيام قبلان، الكاتب ناظم حسون، الشاعر والكاتب زهير دعيم، والشاعر الزجال شحادة خوري، والعديد من الأسماء اللامعة في وسطنا الأدبي والثقافي!