يوم الجمعة الموافق
03/05/2024
الصفحة الرئيسية اجعلنا صفحة البداية اضفنا للمفضلة





























21/03/2014 - 12:05:24 pm
هيك رَبِّتيني يا ماما بقلم جاسر الياس داود

هيك رَبِّتيني يا ماما
( إلى كلّ أمّ عرفت أنْ تزرع المحبّة والعطاء في نفوس أبنائها البرَرَة)
جاسر الياس داود
إقترب فصل الربيع المُبشّر بالخيرات الربّانيّة، والأطفال كعادتهم يذهبون إلى مدارسهم بمرح ونشاط، هذا يُحدّث صديقه بشعوره الفرح بقدوم الربيع، وتلك تحدّث صديقاتها بالمفاجأة التي تنتظر بها والدتها لتعايدها في عيد الأمّ، ولكن ما مِن أحدٍ يبوح بالهديّة ومن أي مكان سيشتريها، لأنّ كلّ واحد يحبّ أن تكون هديّته مميّزة في ذلك اليوم، كي يشعر بفرح كبير لردّ جزء بسيط من تعب أمّه عليه.
الشمس الدافئة تُحرّك في هذا اليوم قلوب الأبناء البريئة ليشعروا بتعب هذه الحياة، التي تتقاسمها بحمل عبء من هذا التعب أمّهاتهم، اللواتي لا تضّجرن ولا تتأوهن.
 فالأمّ ترى بأولادها الراحة التي يمنحها الخالق لها مقابل الاعتناء الصحيح والجيّد بأبنائها، دون كلل أو تأوّه مهما كانت الظروف ومهما تغيّرت الأحوال، فقلب الأمّ الحنون يبقى كما هو حتى وإن أخطأ الأبن يوماً بحقّها، فهي لا تعرف القساوة مهما قسَت عليها الدنيا وكدّرت مجرى حياتها.
نسيت مربّية الصف الكتاب على الطاولة، فما كان من الطالبة هبة إلّا أن تأخذ الكتاب وتسرع به إلى غرفة المعلمين، لتعيده للمربّية أحلام والتي كانت تعتزّ بتعليمها وارشادها للطلاب، لا تفرّق بين هذا وتلك، كلّهم بنظرها أبناؤها، فلم تتفوّه يوماً بكلمة لاذعة لأيّ طالب أو طالبة مهما كان تصرفه، بل كانت ترشده بكلمات مقنعة ومرشدة إلى التصرّف الحسن.
وصلت هبة إلى غرفة المعلمين، ولم تجد المعلّمة أحلام هناك، إذ كانت قد غادرت إلى البيت بحسب أٌقوال المتواجدات من المعلمات بالغرفة.
يا حرام الشوم المعلمة أحلام حنونة، بس لو عندها ولد او بنت يقولولها: كل عام وانت بألف خير ماما. قالَت إحدى المربّيات.
لم تمشِ هبة بضع خطوات وتسمّرت بمكانها كالصنم داخل الغرفة، لم تصدّق ما سمعته أذناها، إذ لم تكن تعرف هذا من قبل. إغرورقت عيناها بالدموع لأنّها تحبّ مربّيتها أحلام كثيراً، ثمّ تذكّرت بأنّها خارج الصف وسيبدأ الدرس أو الحصّة التالية، مسحت دموعها بيدها ثم أسرعت عائدة إلى غرفة الصف، وهي تتنهّد من وقع المفاجأة.
عادت هبة إلى البيت معكّرة المزاج، تناولت طعام الغداء، ومن ثمّ توجّهت إلى غرفتها لتحضير دروسها، ولكن لم تكن تشعر بسعادة التحضير والاجتهاد كعادتها في كلّ يوم من أيامها الدراسيّة.
شاحت بنظرها نحو العلبة، التي كانت تجمع بها النقود من مصروفها اليومي لشراء هديّة لوالدتها بمناسبة عيد الأمّ، وأخذت تفكّر ما عساها أن تفعل كي تُسعد والدتها ومربّيتها أحلام بهذا العيد؟!!!

ذهبت هبة كعادتها في اليوم التالي إلى المدرسة، وخلال النهار لم تر مربّيتها أحلام، فعرفت فيما بعد بأنّها غائبة عن الدوام المدرسي. توجّهت بالفرصة إلى غرفة السكرتيرة، وطلبت منها عنوان ورقم هاتف بيت المربّية أحلام، فلبّت السكرتيرة طلبها وكتبته على أقصوصة من الورق وأعطتها إياها.
في صباح يوم عيد الأمّ، أعلمت هبة والدتها بأنّها ستتأخّر لساعة واحدة، إذ ستزور مربّيتها أحلام في بيتها. وستعود بعد الدوام المدرسي بساعة إلى البيت. وافقت الأمّ وطلبت منها أن توصل سلامها لمربّيتها.
طرقت هبة الباب ففتحت لها المربّية أحلام، وتفاجأت من مجيء تلميذتها لأنّها لم تتعوّد على أن يطرق بابها أيّ تلميذ من تلاميذها، رحّبت بها وأدخلتها البيت، وبعد أن جلست هبة على الأريكة استأذنتها قائلة: أتسمحين لي أن أناديكِ في هذا اليوم ماما بدلاً من معلّمتي؟
تحرّكت عاطفة الأمومة بداخل المربّية أحلام، واغرورقت عيناها بالدموع، دموع الفرح مما سمعته لأوّل مرّة في حياتها، وأسرَعت وضمّت هبة بين ذراعيْها، وهي تبكي وتسيل الدموع بغزارة على وجنتيها، وقالت: كيف لي أن أرفض مثل هذا الطلب؟!!!
فرحت هبة وقامت وسلمتها الهديّة قائلة: لو كان باستطاعتي أن أبقى معك هنا طول العمر لما رفضتُ!!! فواجبي كإبنة لأمّي أن أكون معها، وأنتِ أيضاً منذ اليوم أصبحتِ أمّي الروحيّة وسأقضي معك أوقاتاً هنيّة.
بعد وقتٍ سعيدٍ من الزمن قضته هبة في بيت مربّيتها أحلام، طلبت الإذن منها كي تعود إلى بيتها، لتشارك الأهل الاحتفال بعيد الأمّ. وفي الطريق مدّت يدها إلى محفظة النقود فلم تجد سوى القروش المعدودة، ففضّلت أن تشتري بالمبلغ البسيط شيئاً يعبِّر عن مدى حبّها وتقديرها لوالدتها.
دخلت البيت وهي تحمل بين يديْها زهرةً من الورد الجوري الأحمر، وخجلت عندما رأت مجموعة الهدايا المتواجدة على الطاولة، وتوقّفت بمكانها، فما كان من أمّها إلّا أن فتحت ذراعيْها مبتسمة بهديّتها، فأسرعت هبة ورمت نفسها بين ذراعي والدتها وبكت وقالت: هيك انتِ ربّيتيني ماما.
19/3/2014م  عبلين – الأراضي المقدّسة 



تعليقات        (اضف تعليق)

* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مسؤولية التعقيب تقع على عاتق المعقبين انفسهم فقط
يمنع ادخال اي مضامين فيها اي تجاوز على قانون منع القذف والتشهير او اي قانون آخر
فيديو عبلين |  اخبار عبلين |  دليل عبلين |  عن عبلين |  العاب اونلاين |  للنشر والاعلان |  من نحن |  اتصل بنا | 
Online Users
Copyright © ibillin.com 2007-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع عبلين اون لاين
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com