بدأت اسمع مؤخرا مطلبا فيه التقدير والعدل والاحترام ... عن وجوب تكريم المبدعين قبل الممات ..ومؤخرا سمعته في برنامج اوراق للزميل نادر ابو تامر وقد سمعته من على منابر اخرى وانا اضم موقفي الى موقفهم هذا لان التكريم في لحظة الحياة , يضع بصمة حضارية ويقفز بمجتمعنا قفزة تزيد من الدورة الدموية الابداعية .

هذا حق وواجب ... حق لانه يحق لكل مبدع في مجاله ان يلقى الدعم والتكريم من اجل الاستمرار في مسيرة العطاء.

وواجب لاننا كمجتمع حضاري متنور يجب ان نعمل كل ما في وسعنا لمأسسة فكرة التكريم في لحظة الحياة , ليعرف كل منهم ان انجازهم وابداعهم قد سطر تاريخا في العمق الحضاري لهذا المجتمع .

التكريم في لحظة حياة ستغمر المبدع بمتعة الانجاز وبتحفيز الابداع مرة تلو الاخرى فهذه اللحظة الحية المباشرة لتساوي ملايين المرات في تكريم لمبدع تحت التراب .

هذا المطلب يجب ان يكون في سلم الافضليات للمؤسسة الرسمية الفاعلة في هذا المضمار... والمؤسسات والجمعيات الاجتماعية والاهلية. نعم كانت هناك محاولات تكريم فردية ولكن يجب ان نعي ان التكريم ليس صرعة , او موضة , او طفرة . فعند الشعوب والحضارات الراقية التي تقدر العطاء والانجاز والابداع , لهي ثقافة وتربية ووصية تقرأ في حياة الانسان المبدع وليست وصية تقرأ بعد الوفاة . لذا فان التكريم في لحظة حياة يجب أن يبدأ من ثقافة العقل والفكر الراقي , لهذا لا يمكن التأجيل في هذا المطلب لأن التأجيل لص الزمان ومن المفيد أن نضع علامات استفهام بين الحين والاخر على الامور المسلم بها .

التكريم يجب ان يكون على اساس التفوق في الابداع لا بحسب انتمائه السياسي ولا بحسب انتمائه الطائفي ولا بحسب انتمائه الاثني واذا لم يكن كذلك فعندها ويل لأمة كل قبيلة فيها أمّة.

على هذه الاصوات المنادية بتكريم المبدع في لحظة حياة ليس لهم الاكتفاء بتصريحات يتيمة وانما عليهم التكاثف وذلك لكثافة الوزن النوعي لهذا المطلب , الذي يجب ان يشرعن رسميا واجتماعيا .

ليس معيبا ان نكرم الانسان المبدع في لحظة حياة ولكنها منقوصة ان كان التكريم في عمر الممات .

فالحياة يجب ان تكون للحياة , لكنها تكون فارغة اذا نظرنا اليها عبر هذه المعادلة القائلة : العام 365 يوما ... لو انك تنام كل يوم 8 ساعات ... فذلك يساوي 122 يوما ... ويتبقى 243 يوم ... ولو انك تستريح في اليوم 8 ساعات ... فهذا يساوي 122 يوما اخرين ... ويتبقى 121 يوما ... وهناك 52 يوم أحد عطلة في السنة وبذلك يتبقى 69 يوما ... لو انك تأخذ نصف يوم السبت اجازة فهذا يساوي 26 يوما ليتبقى 43 يوم ... ولو انك استقطعت ساعة ونصف كل يوم عمل للغذاء فهذا يساوي 28 يوم ... ليتبقى 15 يوما ولو انك تأخذ اسبوعين اجازة سنوية من العمل فسوف يتبقى يوم واحد وبالطبع لا احد يعمل في يوم عيد العمال ... هذه المعادلة يجب ان تضيء لنا ضوء احمر وتعيد لنا الحسابات في تقدير وتكريم كل مبدع في لحظة حياة .